أمير البزق الثاني.. سعيد يوسف: الفنّ لغة أممية بين الشعوب
اللقاء مع فنان كبير وشاعر مبدع، بوزن سعيد يوسف، له نكهة خاصة، لحديثه الشيق وروح النكتة التي يتحلى بها. معه يمضي الوقت مسرعا دون أن تحس به لما يمتاز به الفنان من خبرة حياتية وثقافة موسيقية عاليتين.
بالإضافة الى إبداعاته الموسيقية، أصدر مجموعتين شعريتين هما: «كوفندا دلان» و«روشن»، كما ألف كتاباً في تعليم العزف على البزق.
ما الأمور التي شكلت سعيد يوسف الفنان؟؟ وبمن تأثرت في البدايات؟
عندما كنت يافعاً في السادسة عشرة من عمري، كنت استمع إلى محمد عارف جزراوي، وإلى ملك الغناء محمد عبد الوهاب الأهم والتقيت بكليهما في بغداد وبيروت.
وهما هل استمعا إليك؟
نعم.. استمع إلي محمد عبد الوهاب عندما كان موجودا في شتوره.. عبد الوهاب كان معجبا بي، حيث استمع إلي عن طريق شخص لبناني اسمه حبيب حنكش، وهو ناقد ومؤلف موسيقي. وعندما استمع إليّ محمد عبد الوهاب قال: يجب أن تلف أصابعه بالحرير.. أيضا تأثرت ببعض الذين كانوا حولي وتقدمت بسرعة هائلة بعد سنتين سجلت أسطوانات ، أربع اسطوانات دفعة واحدة .
لمن لحنت من الفنانين الكبار؟
للفنانة سميرة توفيق «صبوا القهوة وصبوا الشاي»، وأيضا لحنت للفنانة سعاد حسني، وأيضا شفان وكلستان غنوا لي دون استئذان..
هل يغضبك هذا الأمر؟
ينسبون الألحان لهم وينسون صاحبها فيتذكرون الصورة المسخ وينسون الأصل، وقد التقيت بشفان وقلت له أنت غنيت لي ولم تذكر اسمي، فقال بأنه لا يعرف بأنها لي. ولكن الأمانة تقتضي أن يبحث عن صاحب اللحن الذي أعجبه.
الوسط الفني يعج بالفنانين الشباب، وبمرتزقة الفن.. كيف يستطيع الفنان الأصيل العمل ضمن هذا الوسط؟؟
من يعمل بشكل صحيح سيكون له مكان، مثلا في لبنان ملحم بركات له خط وهو ناجح فيه، كذلك ماجدة الرومي لها طابعها الخاص. يلزمنا الكثير حتى نفهم الحقيقة، ومرتزقة الغناء مثل الزبد لا بد وان يزول هذه حال الإمراض، من هذه الشاكلة جميعها فالأسماء الكبيرة ستبقى لأنها لا تتكرر، ولا يصح إلا الصحيح كما يقول المثل العربي.
أنت أمير البزق.. فما هي قصتك مع بزق محمد عبد الكريم؟ وما قصة الطابع السويدي؟ وهل كرمت بشكل لائق في بلدك سورية؟
قصتي مع بزق محمد عبد الكريم ان الرجل كان يراسلني عندما يلتقي بأشخاص من جزيرتنا، وكان يوصيني بالتواضع لأنه سبب النجاح. وعندما كان يحتضر سأله أحد الصحفيين: «هل سوف ينتهي بموتك العزف على البزق»، فأجابه: «أنا سأموت بس البزق ما راح يموت في سعيد يوسف»، وقد قال بأن هناك بزقين أحدهما لأخي والآخر لسعيد يوسف، والبزقان محفوظان في دمشق وأحدهما لي.. طلبت من الفنانة منى واصف بان تعطيني إياه: فقالت لا يجوز لأنه يعتبر كنزاً وطنياً وأصبح ممتلكاً وطنياً بقرار من وزير المالية، لكني عزفت عليه في مقابلة في التلفزيون السوري. أما عن الطابع السويدي فالجمعية الوطنية في أوبسالا من عادتها أن تصدر مطبوعات تحمل صور فنانين لهم باع طويل في الفن، وقد اختاروا ثلاثة عازفين، فكانت صورتي على طابع بريدي، سورياً لم أكرم رسمياً، ولكن شعبياً كرمت. أتمنى أن يتم الالتفات إليّ وإلى غيري، لأن إحدى وسائل النهوض بالفن عموما هي تكريم الرواد والالتفات لهم.
أنت أمير البزق، لكن صوتك ضعيف بالنسبة لعزفك.. هكذا يقال؟!
هل صوت فريد الأطرش يصل إلى مستوى عزفه على العود ، التقييم ليس صحيحا ، القصة ليست في مستوى عزفي وأنا أرتب معطياتي الفنية على النحو التالي :عزفي، لحني، صوتي، كلماتي، والأميز هو الأداء.
هل تشعر بالحسد تجاه من باتوا يحققون النجومية بسرعة، فيما قضيت العمر فناناً متوارياً عن الأضواء؟
أنا لا أحسد أحداً. ثم إني غير معني بهذه النجاحات القصيرة لهؤلاء الشباب، لأنهم لا يتحلون بالثقافة الموسيقية، وبالتالي سينطفئون بسرعة لأنهم يجهلون حتى أبسط المقامات.
ما السبب الكامن وراء تعامي الإعلام عنك؟
إعلاميا لم أخدم بشكل جيد. وبصراحة الصحافة لا تهتم بالأفضل بل بالآني والعابر، وليس هناك توجيه أو إستراتيجية إعلامية تتقصد تكريم المبدعين، والفن لغة أممية بين الشعوب وأنا أحب جميع أنواع الموسيقى العالمية خاصة، ولكني أريد أن أقدم كفنان كردي، ليس من باب السياسة، فهناك سياسيون يقومون بذلك ولكن من باب التنوع الثقافي الذي يسم سورية، وأغلب الألحان سرقت مني ولا أجد أغنية إلا وأجد لي فيها شيئا، ومع هذا عندما تذكر قائمة الفنانين يتم ذكري في ذيل القائمة، ولا ادري إلى متى سيبقى التجاهل؟
أستاذ سعيد نشكرك جزيل الشكر.. وكلمة أخيرة لقراء «قاسيون»..
أشكر أسرة تحرير جريدة «قاسيون»، لصراحة جريدتكم المقروءة بشكل واسع، والتي تحوي الكثير من الأقلام الجريئة فيها، كما أتمنى أن يهتم قراء «قاسيون» بثقافتهم الفنية، ليميزوا بين الفن الأصيل والهش، وكما هو المثل الحلبي «مو كل من صف الصواني صار حلواني»
■ قاسيون - القامشلي