ولادة ثانية للهيئة العامة للكتاب
كان مخاض هذه المؤسسة -الهيئة العامة السورية للكتاب– عسيراً للغاية، ففي الوقت الذي تعلن فيه الهيئات عن نفسها بأعمال على مستوى يليق بمنحها الثقة، خاصة في مجال الثقافة حيث تتشابك الإنتاجات مع مستهلك متطلب هو القارئ..
هكذا جاءت الأمور بعكس المأمول تماماً، فمدير الهيئة الدكتور عبد النبي اصطيف عمل، منذ البداية، على سياسة وضع العصي في الدواليب، وفعّل سياسة بيروقراطية آفلة، أوقف بموجبها جميع المشاريع المقترحة من سلاسل جادة، ومؤلفات بالغة الأهمية، وترجمات ضرورية للمكتبة العربية، مستعيضاً عنها بمشروع مدرسي يرى إلى صناعة الكتاب ترفاً، حيث اقتُرحت عناوين عمومية في الثقافة، وكتب عن الصحة والعناية بالجمال. هذا بالإضافة إلى تعيينه جيشاً جراراً من المستشارين الذين لا عمل حقيقي لهم، وفي غمار ذلك كله لم تصدر هيئتنا الغراء، في سنتها الأولى، سوى كتاب واحد عنوانه «العرب والأدب المقارن»، وهو أبحاث ومحاضرات جمعها مدير الهيئة من أرشيفه الذي يمتد إلى عقود بعيدة، مع أن الأطروحات الجديدة والمستجدة تجاوزت ذلك بفراسخ وأميال. نعم كان هذا هو الكتاب الوحيد لهذه المؤسسة لأن الكتب الأخرى، كما بيّن تحقيق نشرته جريدة تشرين، هي مما أحالته مديرية التأليف والترجمة المغلقة في الوزارة للهيئة، في سياق تسليم المهام.
وبعد حرب صحفية شعواء ضد جور إدارة د. اصطيف، وتقديم استقالات بالجملة لمدراء أقسام الهيئة، قررت وزارة الثقافة كفّ يد اصطيف، وتعيين الأستاذ محمود عبد الواحد بديلاً له في منصبه، ويأتي هذا القرار بمثابة تصحيح لمسار عاثر، لم يعد هناك داع لانتظار مزيد من الإخفاقات وتبديد المال والجهد العامين..
بادرة خير هذه، ولعل «الهيئة العامة السورية للكتاب» تشهد ولادة ثانية مع عبد الواحد، على أمل أن يستفيد من الأخطاء السابقة، ويسرّع في إنجاز الأعمال التي وعِد بها القرّاء، ولا نظن ذلك بالصعب أبداً مع وجود ذلك الطاقم الألمعي في الهيئة.
■ ر. و