ربما ..! أنا وأمي.. و«ضيعة ضايعة»
أنا وأمي متعصبان لـ«ضيعة ضايعة» ضد أي مسلسل آخر، ولكل منا في التعصب أسباب متضاربة، ليس لأن التعصب لا يُولّد إلا التعصب، أبداً... لا، إنما، وهذا شأن أهل الهوى وحدهم، لا يجوز حبٌّ ولا عشّاقٌ بلا عصبية!
أسباب أمي كثيرة، منها أن أهل الضيعة لا يحبّون الحكومة مهما حاولوا أن يبدوا عكس ذلك بالنفاق والتدليس، إذ دائماً ما يُفضح أن هذا (الحب) ليس سوى كراهية، كما ترى أن الحلقة المخصصة لدعم المازوت يجب أن تجعل (الذين فوق) يستحون على دمهم، فالمازوت، بحسب الحلقة، كالرحمة لا تجوز إلا على الأموات. كذلك تحب أمي عبد السلام البيسة، وتتعاطف معه، وتشفق عليه، مما يفعله (سلنغو) و(عفوفة) به وبشرفه.. وتحب الضيعة بسبب اللهجة اللذيذة والتشويش على المفردات البذيئة ووجود الجبال والبحر جنباً إلى جنب!
أما أنا، ربما لأني فهمان أكثر من اللازم، فأقول لها هنا يعاد الاعتبار إلى الممثل، كما يشتغل المجاز شغلاً لم يسبق له مثيل لها يضع الدراما التلفزيونية في ساحة نزال مع المسرح. كما أن هناك كثافة رمزية تجعل من هذه الضيعة صورة مجهرية للوطن، ومن أهلها صورة للشعب.
أمي تبحث عن الحكاية فيما أبحث عن الأفكار.. تبحث عن المشهد المضحك وأبحث عن المشهد المتقن.. لكننا في النهاية نضحك ملء أشداقنا حين يغيب عادل الفسّاد، أو حين يحتقر الجميع أسعد ويعيد الاعتبار لنفسه بصفع رجال الأمن والشرطة في الحلقة المجازية الهائلة «اللبطة القوية»، وفي العنوان موصولاً بالمتن رسالة إلى السلطات أن اللبطة القوية لا تأتي إلا من الجحش الضعيف.
تنتهي الحلقة، ثم الحلقات، وكل منا يشير إلى الآخرين إلى ملاحظة أعجب بها الآخر، حين لا يكون موجوداً.. يقولون لي إن أمي قالت في غيابي: أجمل شيء هذا المجاز للوطن والشعب! وأنا لا أتردد عن القول في غيابها: ما أجمل ضرب جودة لزوجته ديبة!.
تنتهي حلقات المسلسل ونبقى نسرق طرق بعضنا في الحب، وكأن كل منا جودة وأسعد في المشارطات التي تنتهي لمصلحة جودة، أو الحزازير التي تنتهي لمصلحة أسعد... هكذا يأخذنا المسلسل إلى اللقاء كعائلة، من حيث لا ندري!
رائد وحش
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.