سناء عون سناء عون

تخت شرقي.. الحياة اليومية بحذافيرها

تماهياً مع موجة الشعر الجديد الذي أطلق العنان للتفاصيل الصغيرة، في تقديم صور شعرية تطرح الأسئلة الإشكالية، وتقدم اللاجدوى التي يعيشها جيل هذه الأيام، محاولاً اختراق التابوهات، انطلق مسلسل «تخت شرقي». بجرعة جرأة زائدة عن الحد المتعارف عليه في الأعمال الدرامية السورية. اخترق «تخت شرقي»  التابو الجنسي بمشاهد بصرية أحياناً، أو عبر حوارات ذكية، عرفت كيف تنجو من مقص الرقيب. هكذا جاء مشهد  «جريتا» سلافة معمار مع مكسيم خليل «طارق»، وهما في السرير بإيماءة على ممارستهما الحب. أو عبر طرح قضايا العذرية في مجتمع شرقي. يطرح العمل العديد من القضايا، الحب، الصداقة، الزواج، العنوسة، العقم، الطبقية، ليضيع في كثرة التفاصيل، ما جعل من بعض القضايا تظهر دون رؤيا، وبالتالي ضاعت الحوارات الهامة دون أن تقود إلى أي تصعيد درامي يأخذ العمل إلى لحظة الانفجار.

 كما جاءت الحوارات  السياسية محيرة، تقودنا إلى تساؤل جوهري، كما في مشهد يجمع بين مكسيم خليل ومعن عبد الحق. هل تريد الكاتبة والمخرجة القول، إن حق العودة قابل للتفاوض؟ أو تؤكدان على قدسيته؟ يقول أدهم لطارق الطبيب الفلسطيني الذي يملك بيتاً فاخراً في قلب دمشق، إن من يملك بيتاً كهذا لا يفكر بالعودة إلى فلسطين، بينما يظهر برنامج عن حق العودة في التلفزيون. المشهد الذي جاء دون سياق خطير للغاية فهو يدخل في المقدسات دون وضوح، وهذا ما جعله يتساوق مع ما تقوله السلطة الفلسطينية.

  كما وجه العمل صفعة للعقلية الذكورية الشرقية، عبر حوار ذكي بين العاشقين طارق وغريتا، خلال استجوابه لها عن علاقاتها السابقة. لتعترف بأن لها علاقات قبله لم تندم عليها أبداً. واستنكارها للطريقة التي وجه السؤال لها. مخاطبة إياه: أنها لو كانت ألمانية كاملة لتغيرت نظرته، وكذلك لو كانت سورية كاملة لكانت له نظرة مختلفة.

رغم طرح العمل للعديد من الأسئلة الإشكالية لكنه ظل بعيداً عن أسبابها، بالإضافة إلى أنها لم تولد صراعاً درامياً بين الشخصيات ومجتمعها أو مع ذواتها. ربما كثرة الاهتمام بالجزئيات أضاعت، بعبثية وفوضى، الحكاية.

كان التعويض عن التشويق الدرامي والحدث المتنامي مزيداً من اختراق المحرمات، التابو الجنسي على وجه التحديد، الذي تجلى واضحاً من اسم العمل بمحاولة تورية مراوغة لمفردة (تخت) التي تشير إلى الموسيقى لكنها في الحقيقة سرير.

العمل الراصد للحياة اليومية، بتفاصيلها الصغيرة وجزئياتها، غابت عنه الحكاية العامة، التي تتشكل من خلال تلك التفاصيل لتسرد لنا الحياة عبر حكاية الشخصيات.

العمل وضع المجهر على العيوب التي يعاني منها المجتمع الشرقي، الراكض إلى الانفتاح الاستهلاكي، ولا تزال عالقة بظهره حمولة ثقيلة من عادات وتقاليد بالية، نعم لقد تجاوز المقولة المعتادة للخير والشر، بتقديم نماذج واقعية لشخصيات تعايشنا معها، لكنها لم توصل لنا ما تريده،  فلا المفاهيم أضيئت بطريقة جيدة، ولم يقدم العمل رؤيا حقيقية للواقع.. كل ماهنالك هو نسخ الحياة اليومية بحذافيرها دون القدرة على بناء حياة درامية.

آخر تعديل على الأربعاء, 27 تموز/يوليو 2016 22:22