أسعد الوراق.. لا جديد.. سوى مأساة الفقر
لا تحاول المخرجة رشا شربتجي من خلال عملها الجديد «أسعد الوراق» أن تعطي الرواية بعداً جديداً، أو أن تبث فيها تفاصيل مغايرة لما قدمته سباعية «أسعد الوراق» قبل ثلاثين عاماً على يد علاء الدين كوكش، بل تصوغ هذه القصة المستمدة من رواية «الله والفقر» للروائي الراحل صدقي اسماعيل لتعطيها صورة تلفزيونية مختلفة، ورؤية إخراجية تعتمد على المنظر والصورة وتقنيات أداء الممثلين،
فلا تؤطر المخرجة بطل العمل تيم حسن ضمن إطار أداء الراحل هاني الروماني، كما لا تجعل أمل عرفة نسخة عن منى واصف وإن كانت صرخة منى واصف المشهورة تتكرر على لسان أمل عرفة، وتعود يومياً من خلال الشارة، إلا أن هذا لا يعطي بعداً تكرارياً للعمل، لكن حيل الكاتب والمخرجة لملء ثلاثين ساعة تلفزيونية في العمل لم تجد كثيراً على صعيد ملء العمل بالأحداث المهمة أو الهروب من التطويل، فالشخصيات الجديدة التي تكونت في العمل لم تكف لبث الحيوية في النص، ولم ترسم صورة موازية للحياة التي شهدها أسعد، فقد لعبت الشخصيات الجديدة دور إبعاد أسعد عن الشاشة جزئياً، كي لا تكون القصة قائمة على الشخص وحده دون البيئة، بحيث يقل تواجد أسعد في الحلقات الأولى، مقابل تكريسه بشكل شبه تام في الحلقات الأخيرة، بحيث تبدو انطلاقة البطل الحقيقية منذ الحلقات ما بعد العشرين، وتفاصيل الحدث الحقيقية لا تظهر إلا بعد زواجه بمنيرة وبدء المشاكل بينهما.
إن القوة الحقيقية التي قُدمت في العمل في الحقيقة لا تعود بشكل كليّ إلى الصورة الجديدة التي تقدمها شربتجي، ولا إلى الشخصيات المحدثة بل تعود إلى الرواية التي تلعب دور البطولة في العمل، واستثنائية أداء الفنان تيم حسن بصور مقنعة للشخصية، تاركاً الكاريزما الكلاسيكية التي ترسمها المجلات له ومتخلياً عن وسامته المعتادة، ليكون بالفعل «أسعد الوراق» الذي رسمه صدقي إسماعيل في ذاكرة جيل كامل.
إن الاستثنائية التي قدمتها شربتجي في عملها الاجتماعي «تخت شرقي» لا تنسحب على «أسعد الوراق»، على الرغم من أننا لا يمكن أن نصف العمل بالضعف، بحكم أنه بالإمكان متابعته بشكل يومي، هذه المعادلة التي لا تنسحب على أغلب الأعمال الدرامية لهذا العام، وبالتالي فإن المسلسل ينقل البيئة والشخصية والصورة بأسلوب لا يحمل الجدة في الطرح بقدر ما ينقل الرواية المؤثرة والشعبية والتي لا بد ستلقى إقبالاً ومشاهدةً، بغض النظر عن الصورة الحداثية التي تحاول المخرجة تكوينها للعمل.
«أسعد الوراق» الجبار ببساطته وفقره والنظيف إلى درجة لا تصدق، يكرر -من خلال تكرار صورته تلفزيونياً- مأساة الحياة المريرة، وطغيان القدر الشديد على الإنسان، وظلم المجتمع للشخصية الإنسانية البسيطة.