«جسور» في عددها الجديد: من أزمة المترجم إلى أزمة المثقف.. والثقافة
تحاول «جسور» في عددها المزدوج (3-4) الصادر مؤخراً، ومن موقعها كمجلة معنية بالترجمة ودراساتها، أن توسع أسئلتها التخصصية لتشمل العديد من القضايا المتصلة بواقع الثقافة العربية المعاصرة ككل. فمنذ صفحاتها الأولى نقرأ في الافتتاحية التي كتبها رئيس تحريرها المترجم المعروف ثائر ديب العديد من التساؤلات حول مآل حركة الإنتاج العلمي والثقافي العربي، وعزوف المتخصصين عن القيام بدورهم الثقافي المفترض، ليصل في النهاية إلى إعادة طرح قضية «موت المجلات والدوريات العربية».
وفي ملف العدد المعنون بـ«الترجمة: قضايا وتواريخ» نطالع عدداً من الدراسات المرتبطة بهذه الأسئلة؛ حيث يعالج الدكتور إياس حسن انطلاقاً من هاجس «تهذيب الترجمة» قضية تأصيل دور المراجع في علمية الترجمة، ويعود الدكتور ثائر ديب للحديث عن محنة الترجمة في الثقافة العربية آخذاً من ترجمات «النظرية الأدبية» أنموذجاً واضحاً على هذه المحنة، ويطرح حسين سنبلي قضية صعوبة تعريب أسماء الأعلام الأجنبية وما يتعلق بها من مشكلات لغوية وثقافية، ويترجم أحمد رمو مقالة لروجر كريس بعنوان «مهنة الترجمة وعيش المترجم»، في حين يترجم حسام خضور دراسة شديدة الأهمية لشيري سيمون عن قضية الجنوسة في الترجمة، تليها دراسة للناقد الأدبي الشهير موريس بلانشو تحت عنوان «مترجم عن...» من ترجمة محمود محمد، ويختتم الملف بدراسة مترجمة بعنوان: «تراث الترجمة في بريطانيا وفرنسا والبرازيل».
وفي «جسر النفائس» نقرأ نصوصاً متعلقة بقضايا الترجمة لكل من رومان ياكوبسون وعبد الله العروي وحسن قبيسي.
وفي «جسور الإبداع» نطالع حواراً مع الخطاط الحلبي محمد عماد محوك (الذي زينت لوحاته غلاف المجلة والعديد من صفحاتها الداخلية) أجراه الباحث البريطاني ماريوس كوشيجوسكي، ودراسة لأندريه موروا عن مارسيل بروست وهنري برغسون، ونصاً للفيلسوف الألماني الكبير مارتن هايدجر بعنوان «الفن والفضاء»، وفي الختام نقرأ نصوصاً شعرية للشاعر الياباني شينكيجي تاكاهاشي.
وفي «جسور الألفة»، المحور الأخير في المجلة، نجد عروضاً لعدد من الكتب والدوريات المتعلقة بقضايا الترجمة.
لقد تمكنت «جسور» في هذا العدد حقاً من إنقاذ نفسها من لعنة «موت المجلات» فجاءت كنقطة مضيئة في محيط ثقافي راكد ومعتم، فهل ستتمكن من الاستمرار في تألقها رغماً عن ظروف هذا المحيط؟