إخوانيات الصحافة الرياضية
لا أدري لما تبعث الصحافة الرياضية على الابتسام بالنسبة لي، إذ أجد كتاب زوايا بالبذلة وربطة العنق أو بالدشداشة والحطة والعقال يوجهون رسائل أو دعوات، بلغة أقرب إلى الثرثرة وأحاديث المجالس، ولاعبين بعضهم لا يحمل الشهادة الابتدائية يدلون بتصريحات خطيرة بالبنط العريض، ومدراء نواد وفرق لا أعرف ما هي مهنتهم بالضبط لأنني لا أعتقد أن هذه مهنة يعلنون عن قرارات يعتقدون أنها ستغير مصير البشرية.
وكله كوم والأستوديو التحليلي كوم، إذ نلتقي بلاعبين سابقين بعضهم صار مدرباً وحكام منهم ضباط وإداريون، يشرحون ما هو مرئي، بمصطلحات تحاول أن تبدو متخصصة لكن العامل البسيط يعرفها، والمضحك أن توقعات هؤلاء المحللين غالباً ما تخيب، ويبدو الأستوديو أشبه بجلسة في مقهى بعد انتهاء مباراة حيث يتشارك جمهور المشجعين الروح نفسها ويرددون ما هو معروف، يظهرون تحيزاتهم ويغضبون أو (يزنبرون) على منافسيهم الخاسرين.
ومن اللافت أن الصحافة الرياضية واسعة الانتشار في الخليج، فهذا الهوس الذكوري (مع الشعر النبطي والحفلات الغنائية الرجالية مئة بالمئة) هو المتعة البريئة وغير المكروهة، لكن أندية هذه الدول المدججة بالمحترفين الأجانب تذوق الهزيمة تلو الأخرى في المنافسات الدولية، رغم أن بعض هذه الأندية يحمل ألقاباً فخمة مستمدة من أدب الصحافة الرياضية، أما المنتخبات التي يصرف عليها الملايين فبالكاد تصل إلى الأدوار الأولى في كأس العالم لتتبهدل وتعود.
من الشائع أيضاً في الدول النفطية أن يتولى الأمراء رئاسة الأندية إضافة إلى المنتخبات و(رعاية الشباب: كم هو رومانسي هذا التعبير)، ولأن الأندية كثيرة والمال وفير فإن الأعداد الكبيرة من الأمراء ستجد لنفسها وظيفة وصفة وشيئاً يشبه العمل، هكذا ستطلق التصريحات التي سيشيد بها صحافيون رياضيون من الأخوة العرب وبعض المتعلمين المحليين الذين وجدوا لأنفسهم عملاً، فهاهم يلومون لاعباً ويتغنون بحكمة أمير يعود كل الفضل إليه مع أنه لا ينزل إلى أرض الملعب، أما كبش الفداء على الدوام فهو المدرب الأجنبي المستورد ذو التكلفة الباهظة والذي لم يستطع أن يقدر بشكل صحيح مواهب وعبقرية اللاعبين الوطنيين. بالمحصلة هذا هو الشأن الوحيد المتاح للتداول وهذه هي الانتصارات الوحيدة الممكنة التحقق.