ربما ..! تسليك بلاليع ثقافيّة

القانون الأساسيّ لمثقفي زمن العلاقات العامة هو: قل لي من تعرف أقلْ لك من أنت.. ولا تقل لي ماذا تعرف، ولا بماذا تفكّر، ولا ماذا تقرأ ولمن، ولا ماذا تكتب..!!

قل لي من تعرف لأحدّد وزنك الإبداعيّ وسطوتك المهنيّة، ولا تقل لي كلاماً عن مطامح نفسك في التجديد والقول والاختلاف، ولا عن انهماكك بهموم عامة وقضايا مجتمعية وسياسية وما شابه، فهذه الترهات لا تعني شيئاً إلا للمهابيل، هؤلاء الذين يمرّ بهم الدهر وهم على رصيف الحياة بلا حياة!!

كثير من مثقفي اليوم ارتضوا ممارسة (القوادة) الثقافية، وكثيرٌ منهم جعلوا أنفسهم أشبه بمكاتب التعهدات العامة، على أنّ الأفضلية - وقتَ التفضيل - ستكون للقوادة وأعمال المقاولة الأصليتين، لأنهما ترتقيان مكانة وحظوةً كلما ارتقت جودة الخدمات، بينما تنحدر مع الثقافة عكسيّاً كلما ارتفعت الفواتير المسجلة بالعملات الصعبة.

لا ضير إذاً من استعادة سخريات الماغوط الفادحة من مثقفي الدولار والدينار والدرهم في «سأخون وطني»، وكذلك رسومات ناجي العلي التي جعلتهم كتلاً هلاميةً مقرفة، فلا نزال بحاجة لمثل هذا الضرب على رؤوس صنّاع الأكاذيب والنفاق، الذين يتحولون مع الوقت إلى صنّاع للهزائم بلا منازع!

وإليك بعض العينات العشوائية:

• شاعر كتب عن حوالي ستين شاعراً آخرين في ديوان واحد كي يضمن طباعة كتابه، لأنّ هؤلاء الستين هم أعضاء اتحاد الكتاب في أحد البلدان وهذا يعني أن المجموعة ستطبع سلفاً.. وستون مقالاً، على الأقلّ، سوف تكتب عنها. 

• روائيّ يصاحب امرأة (هكذا وصف علاقته بها) في إحدى السفارات من أجل حصول ابنه على مقعد دراسي في إحدى جامعات بلد تلك الإفرنجية، ومع وصول الولد البارّ إلى الحرم الجامعي سالماً يرمي الأب يمين الطّلاق على الصّاحبة! 

• روائية عربية تعرف كل مفاتيح المشهد الثقافي في بلد عربيّ أساسيّ في الصحافة والنشر والإعلام، وبسبب هذه الميزة باتت تدير ما يشبه شبكة دعارة فكرية، تارة تبازر فناناً كي تقيم له معرضاً، وتارة أخرى تسمسر لشعراء يشبهونها كي تُطبع كتبهم في فردوس النشر الأعلى.. طبعاً لن يكون مفجعاً لأحدٍ أنها تُعدّ كواحدةٍ من الرموز الثقافية في بلدها!! 

• ممثل، كلكم ترونه فلتة من فلتات الزمان، ليس سوى مهرجٍ على موائد كبار الضباط والتجار..

• مخرج كبير يعقد العزم على تصوير حياة واحد من أبرز رموز الديكتاتورية العربية، وفي مجالسه الخاصة يبرّر أنه عمل من أجل المعيشة!! وكذلك زميله المخرج المبدع الكبير الآخر الذي تخصّص في استلهام أشعار أحد أمراء النفط والانبطاح أمام الأمريكان في مسلسلات لم تقدم أي شيء، والحجّة الدائمة أنه يريد بالمال العائد من هذه الأعمال تقديم، عبر شركته، ما يحبّ ويشتهي أن يراه.. 

هل هذه ثقافة، أم تسليك بلاليع ومسح زفر، أم أنها حقيقة؟؟؟  

رائد وحش

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.