طارق الشرع: لحظة القراءة هي لحظة تاريخية في حياة النص

يهتم الناقد الليبي الشاب طارق الشرع (مواليد بنغازي 1975) بالدراسة النقدية التي تبحث في الزاوية المعتمة من النص الأدبي، منطلقاً من مفاهيم تنتمي إلى أهم إنجازات النظرية الأدبية المعاصرة، لكنه يأخذ، على الأغلب، بروح المنهج ليكتب نصّاً نقدياً مختلفاً يبدو، في كثير من الأحيان، وكأنه خلاصات لقارئ شغوف، لا لناقد محترف، وانطلاقاً من هذا كان كتابه الأول «البحث عن نقطة الصفر».. في معرض الكتاب بدمشق كان لنا الحوار التالي معه..

تكتب نصاً نقدياً ينأى عن النقد الأكاديمي، هل تريد لنقدك أن يأتي من موقع القارئ؟؟

حسب وجهة نظري لا يوجد نقد أكاديمي ونقد غير أكاديمي، هناك باحث أو دارس أكاديمي، أما ما يتعلق بالنقد فلكل ناقد منهجه الخاص، النقد كما أرى يتأسس في لحظة القراءة حيث ينفتح النص على مختلف الثقافات.. لحظة القراءة هي لحظة تاريخية في حياة النص، هي الحاضر المستقل كونها تقوم في أزمنة مختلفة دون تكرار، بهذا ستكون أولى مراحل التحليل هي مرحلة القراءة، والناقد يجب أن يكون قارئاً نوعياً. 

ما هي آلية أختيارك للنصوص ؟

أنا لا أستهدف نصاً بعينه للدراسة، النص المفترض عندي يتشكل وفق ردود أفعال متعددة، أدرك بعضها وأجهل أكثرها، النص المفترض هو ذاك النص المستفز، والمفردة هنا تعني السلب كما الإيجاب، هو النص الذي يحملني نحو علامات الإستفهام والتعجب ويخلق لدي الدهشة، هو النص الذي أشعر تجاهه بالتحدي وهذا الأخير أتعلم منه الكثير.  

أعتقد بأن لكل نص عناصر فنية مهيمنة في بنائه كما تتصورها قراءتي، هذه العناصر تشكل أعتاب تحليلي لأي خطاب أدبي، ذاك أن هدفي من الدراسة يقوم على كيفية إنتاج الخطاب وهو ما يدفعني للبحث عن كيفية تشكل العلاقات بين هذه العناصر. 

ما الحدود المفهومية بين «البحث عن النقطة الصفر» كتابك و«الدرجة صفر للكتابة» أو في ترجمة أخرى «الكتابة في الدرجة صفر» كتاب رولان بارت؟؟

المشترك بين الاثنين يتمثل في حضور «الصفر» على غلاف الكتاب، «الكتابة في الدرجة صفر» للرائع رولان بارت، كما أراه، شكل نقلة نوعية في تاريخ اللغة والتحليل الأدبي والكتابة بشكل عام، ومجرد حضور المقارنة تجعلني أشعر بالادعاء وهذا ما لم أجده في نفسي يوماً.

 كتاب «البحث عن نقطة الصفر» هو محاولة لالتماس حدود الفكر النقدي كما أسس له أبناء «الشكلانية الروسية» منذ ما يقارب القرن من الزمن حيث أن معظم الاجتهادات المعاصرة في حقول التحليل الأدبي قامت على جهود رواد المدرسة الشكلانية، لهذا كانت الشكلانية تمثل قيمة الصفر الضائع عن مشروعنا النقدي بعد أن غابت تجلياتها عنه رغم مرور كل هذا الوقت. 

تركز على السرد أكثر.. أين هو الشعر في برنامجك النقدي؟؟؟

نعم يتناول كتابي دراسة تطبيقية لنص شعري وحيد وهذا لايعني أنني غير مهتم بالشعر، مشروعي الخاص يتعلق بالشعرية كمنطلق أساسي لإنتاج أي نص أدبي بمختلف أجناس الكتابة الأدبية إلا أنني انشغلت خلال فترة إعداد الكتاب بدراسة العلاقات المنتجة للنص على مستوى التركيب وهو ما دفعني إلى تحليل الخطاب السردي بشكل أوسع.   

ما هي صورة المشهد الإبداعي في ليبيا؟؟

لا يختلف المشهد الإبداعي في ليبيا عن أي مشهد أبداعي عربي بسلبياته وإيجابياته، الفارق الوحيد يكمن في قصور الكاتب الليبي عن تسويق نفسه في الدول المجاورة بشكل جيد، وحتى هذا الأمر كان يحدث في الماضي، ذلك أن المؤسسات الرسمية كانت تسيطر على مستوى انتشار الكاتب.. في الوقت الحاضر يسعى الكاتب في ليبيا إلى تسويق انتاجه عبر المؤسسة الأم (الإنترنت) هذا إلى جانب اهتمام بعض المؤسسات الثقافية بتغطية هذا الجانب، إلا أن العامل الأهم في عدم انتشار الكاتب الليبي حسب وجهة نظري يعود إلى الانطباع التاريخي المعتقد بأن الكاتب الليبي كاتب غير منتج وهو انطباع خاطئ اعتقد بأنه نتج عن الأسباب التي ذكرناها.

المشهد الليبي يزخر بتجارب مميزة يصعب حصرها في مختلف أجناس الكتابة الأدبية. فعلى مستوى الكتابة القصصية نذكر على سبيل المثال أحمد يوسف عقيلة، عمر الككلي، نجوى بن شتوان، في الشعر هناك سالم العوكلي، صالح قادربوه، محمد زيدان، في الرواية محمد الأصفر، في النقد محمد الترهوني ...أسماء كثيرة لايمكننا حصرها في جلسة عابرة.. 

ما الدور الذي يلعبه «مجلس الثقافة العام» على صعيد الاهتمام والتعريف بالأدب في ليبيا؟؟

«مجلس الثقافة العام» من المؤسسات الثقافية التي ظهرت في السنوات الأخيرة بفاعلية من حيث النشر وإقامة المناشط النوعية في مجالات الأدب والثقافة، حيث أن المجلس قام خلال فترة قصيرة بنشر أكثر من 400 كتاب، كما نظم العديد من المؤتمرات الأدبية والعلمية كان أخرها «مؤتمر السيميائيين العرب» بمدينة طرابلس، بالإضافة إلى عمل هذه المؤسسة على تقديم الإنتاج الليبي والتعريف به في مختلف المعارض العربية، فبعد مصر وتونس ينظم المجلس، هذه الأيام، ندوة موسعة حول دراسة الأدب الليبي بعيون نقاد وكتاب من سورية.