كتاب «ستالين.. حقائق وأكاذيب»: إنصافاً لرجل ظلمه التاريخ

صدر مؤخراً عن دار الطليعة الجديدة بدمشق كتاب «ستالين. حقائق وأكاذيب» للمؤلف الروسي فلاديمير جوخراي.. ترجمة شاهر أحمد نصر.

الكتاب يتألف من 270 صفحة من القطع الكبير، ويتناول الكثير الكثير من أحاديث ومواقف الرفيق القائد الشيوعي ستالين، منذ العشرينيات وحتى مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، بأسلوب رشيق اعتمد الوثيقة الدامغة في الوصف والتحليل، كاشفاً الكثير من الأكاذيب والدسائس التي قيلت زيفاً بحق واحد من أهم رجالات التاريخ، ومظهراً إنسانية ونزاهة ومبدئية وسعة وعي ستالين بوصفه قائداً سياسياً وعسكرياً، ومنظراً استراتيجياً فهم الماركسية – اللينينية بعمق، وحاول رغم كل الصعوبات والعوائق التاريخية أن يعمل وفق منهجها..

وهذا مقتطف من الكتاب، بتصرف:

قائد عظيم

كتب مارشال الحرب الوطنية العظمى المجيد غ. ك. جوكوف في مذكراته حول تعيين ستالين قائداً عاماً، يقول: قام ي. ف. ستالين بجهد شخصي جبار في قضية إحراز النصر على ألمانيا الفاشية وحلفائها. كانت شخصيته عظيمة جداً، لذلك استقبل الشعب والقوات المسلحة تعيين ستالين قائداً عاماً بحماسة .

وتابع: هل يعد ستالين حقاً، مفكراً عسكرياً فذاً في مجال بناء القوات المسلحة وضليعاً بالمسائل العملياتية الإستراتيجية؟

لقد درست ستالين كرجل عسكري بشكل عميق ودقيق، كوننا خضنا الحرب معاً في جميع مراحلها. لقد استوعب ي. ف. ستالين وامتلك مسائل تنظيم عمليات الجبهات وعمليات مجموعات الجبهات، وقادها بمعرفة ودراية تامة، وكان متمكناً جيداً من المسائل الإستراتيجية الكبيرة... ساعد ي. ف. ستالين في قيادة النضال العسكري ذكاؤه الطبيعي، والحدس الغني. استطاع إيجاد ومعرفة الحلقة الرئيسية في الحالة الإستراتيجية، وبإمساكه بها واجه العدو، وقام بهذه العملية الهجومية أو تلك. لقد كان قائداً عاماً جديراً بموقعه دون أدنى شك .

كتب جنرال هيئة الأركان المارشال ألكسندر ميخايلوفيتش فاسيلفسكي، المعروف عالمياً، وذو الشخصية العسكرية المشهورة، والذي رأس فترة طويلة عقل القوات المسلحة السوفيتية إبان الحرب، حول نشاط ستالين القيادي في أثناء الحرب الوطنية العظمى، يقول: يعود الدور القيادي العظيم في نشاط القيادة العامة طوال الحرب دون شك إلى القائد العام. لقد امتلك عقلاً عظيماً، وقوة إرادة حديدية، وذاكرة مدهشة، واستطاع استيعاب أعقد الحالات العسكرية.

وكتب لاحقاً بخصوص تعيين ي. ف. ستالين قائداً عاماً: أصبح ي. ف. ستالين ضليعاً ليس في الإستراتيجية الحربية، التي طاوعته بسهولة، لأنّه كان معلم الإستراتيجية السياسية، بل فن العمليات الفعالة والسريعة أيضاً. ونتيجة لذلك كان له بالغ التأثير على مسار وضع العمليات.

 (...) أظن أنّه يمكن بلا شك، وضع ستالين في مصاف القادة العظام. (التأكيد تم من قبلي: المؤلف: ف. ج).

وإليكم كيف وصف وينستون تشرشل عبقرية ي. ف. ستالين: شرحت بعدئذ بدقة خطة تورتش. بعدما انتهيت من حديثي أبدى ستالين اهتماماً حيوياً. (...) قيم ستالين، على ما يبدو، الأهمية الإستراتيجية لعملية تورتش. عدّد 4 أدلة أساسية في صالح تورتش. أولاً، وجهت ضربة لرومل في المؤخرة، وثانياً، أخافت إسبانيا، وثالثاً، أثارت الصراع بين الألمان والفرنسيين في فرنسا، ورابعاً، وضعت إيطاليا تحت الضربة المباشرة. (...) ترك هذا التصريح الرائع انطباعاً عميقاً لدي، وبين أن الدكتاتور الروسي (نترك تعريف الدكتاتور لضمير تشرشل الإمبريالي. ـــ المؤلف ف. ج) استوعب وهضم بسرعة القضية الجديدة عليه. قليل من الناس الأحياء من كان بإمكانهم فهم وإدراك القضايا التي عاركناها بدأب طوال أشهر كاملات. لقد قيم ذلك بلحظات.

حتى هتلر قدر مقدرات ستالين السياسية والحربية حق قدرها. فقد نُشرت في عام 1953 ما يعرف بـــ جلسات هتلر حول المنضدة، وهي تسجيلات لأحاديثه في الأوساط الضيقة. يقف هذان الآنكلو ـــ كلبان ـــ قال هتلر في أحدى تلك الجلسات ـــ إلى جانب بعضهما. (...) تشرشل وروزفلت يا لهما من خرقتين! (كان هتلر يصف أعداءه بجرأة وتقريع وابتذال. ـــ المؤلف: ف. ج). فيما يخص ستالين، فهو يستحق الاحترام كنوع من الرجال العظام.

عندما تعرف وزير خارجية ألمانيا الفاشية ريبينتروب في أوج الحرب على تقييم شيلينبرغ للوضع في الاتحاد السوفيتي، قال له: درست جيداً تقريركم الخاص حول روسيا وتمعنت في الوضع. من ثم ذهبت إلى الفوهرر وصرحت له بأن عدونا الخطير والرئيسي هو ـــ الاتحاد السوفيتي، أما ستالين فيمتلك مقدرات كبيرة كإستراتيجي ورجل دولة، أكبر من تشرشل وروزفلت إذا أخذا معاً. يشاطرني الفوهرر هذا الرأي. لاحظت أنّه يبدي احتراماً لستالين وحده.

لم يأتِ هذا التقويم الموحد لمقدرات ستالين القيادية مصادفة. لقد كان بحقٍّ قائداً فذاً، ولعب دوراً مصيرياً وحاسماً في معارك البشرية الحاسمة الكبرى في ميادين الحرب الوطنية العظمى 1941 - 1945، التي تم إعدادها وتنفيذها تحت قيادة القائد العام المباشرة. كانت كلمته في جميع المسائل الرئيسية هي الحاسمة.