كوليت أبو حسين في مقهى «تاء مربوطة»: الكتابة عزفاً على مقام الأسى
«كنت أبحثُ عن رجل يشبهني
وحين وجدته
أدركت مدى بشاعتي»..
بهذا النص الجارح المعنون بـ«كيس أسود» افتتحت الشاعرة والقاصّة كوليت أبو حسين أمسيتها في مقهى «تاء مربوطة» البيروتيّ، ثم تبعته بنصوص من ذات المقام المشبّع بالأسى والخوف ودراما الخسارة، عبر لغة امتازت بتطويع اليوميّ تطويعاً ذكيَّاً، بسيط العبارة وعميقها في آن، وانشغاله الأساسيّ هو الحياة الداخلية لأنثى تواجه عالماً من الخراب العميم.
ما يميّز نص أبو حسين هو الجرأة، فحيث تكتب من موقع رفضيّ تمردي، سواء على صعيد القول أو شكله، فإنها تنتمي إلى جيل شعريّ بات يوسّع مكانه في المشهد بقوّة النص وطرقه البلاغية الجديدة التي تذهب إلى التعبير عن لحظة احتدام حاسمة، توشك على إزاحة الإنسان من موقعه الطبيعيّ، غير مباليةٍ بالتابوهات المتعددة.
وسوى النصوص الشعرية قرأت أبو حسين نصوصاً قصصية لها ذات النَفس، خصوصاً «أحلام ناشفة»، حيث تسرد لحظة امرأة تمارس حياتها الخاصة ورغباتها السرية وهي قابعة في بيت محافظ لا يسمح لها بأكثر من ممارسة الواجبات المنزلية.
الأمسية في «تاء مربوطة»، المكان الأليف والهادئ، تعيد إلى الأذهان أجواء الصالونات والمنتديات الثقافية التي باتت شبه مفقودة في أيامنا، لا سيما مع كتّاب من الجيل الجديد، هؤلاء الذين يأتون إلى الكتابة مسلحين بنصوصهم فقط، لأن المنابر، بمختلف أشكالها، إما غائبة أو مشغولة بأدب العلاقات العامة.
في مقهى «تاء مربوطة» كانت كوليت أبو حسين فنجان قهوة بمذاق آخر..