كاميرا خفية..!
تعج الشاشات العربية في رمضان سنوياً ببرامج المقالب والكاميرا الخفية في محاولة لاستقطاب المشاهدين بطرق لا تخلو من العنف والترويج للتطرف بأشكال متعددة ومختلفة. يتزايد الجدل حول هذه البرامج وإصرار منتجيها على الاستمرار في تصديرها رغم ما تحتويه من أفكار ومشاهد تتعارض مع الحس الإنساني.
وفي هذا العام، كان الجمهور على موعد مع مائدة عامرة من برامج المقالب التي تحبس الأنفاس، وتتنافس للفوز بأعلى نسب مشاهدة دون التفكير في تداعيات ذلك على المتلقي باختلاف سنه وثقافته وميوله.
وتمنح فسحة مجانية للتنظيمات الإرهابية لتتحول من برامج فكاهية مسلية إلى برامج تشجع على العنصرية والعنف وتروج بالمعنى العام لثقافة «داعش».
«أيقونات مصنعة»..
وتحقق هذه البرامج نسب مشاهدة عالية وأرباحاً طائلة من الإعلانات التجارية المرافقة لها، خاصة بعد أن أصبح الممثلون يتنافسون على تقديمها وإيقاع زملائهم فيها.من أشهر برامج المقالب هذا العام برنامج «رامز بيلعب بالنار» الذي يقدمه الممثل المصري رامز جلال على قناة «إم بي سي»، وتقوم فكرته على استضافة أحد المشاهير وإيهامه بأن الفندق الذي يقيم فيه شب به حريق هائل وأن حياته في خطر.
لاقى هذا البرنامج انتقادات واسعة حتى قبل عرضه خاصة أن الإعلان الترويجي تضمن عبارة على لسان مقدمه يقول فيها إنه يستمتع بمشاهدة البشر وهم يحترقون في النار، الأمر الذي دفع بعض المصريين لرفع دعاوى قضائية ضد البرنامج باعتباره يروج للعنف ويعادي المعاني الإنسانية.
ارتبط ظهور جلال بالمقالب، منذ ظهوره لأول مرة في برنامج «رامز قلب الأسد» عام 2011، فأي عمل فني يتواجد فيه كان لا يخلو من مقالبه. ورغم الانتقادات الموجهة لبرامجه كلها إلا أنه مازال مستمراً في تقديمها لخمسة أعوام متتالية، لتصبح «أيقونة» رمضانية تصر قناة أم بي سي على الترويج لها وعرضها!
«ميني داعش»..!
كذلك، تلقى برنامج «ميني داعش» الذي يذاع على قناة «النهار» المصرية ويقدمه الممثل خالد عليش نصيباً كبيراً من النقد، وصل إلى حد وصفته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية بـ«أبشع برنامج تلفزيوني في التاريخ».
ويعمل القائمون على هذا البرنامج في إعادة إنتاج صورة مصغرة عن تنظيم «داعش» الإرهابي في برنامج كوميدي اعتمد صانعوه على إطلاق النار في الهواء وتهديد الضيوف بأحزمة ناسفة ليجعلوا من الحدث أمراً مضحكاً قد يجلب المشاهدين والمعلنين للقناة التي تبثه!
وتدور فكرة البرنامج حول إيهام الضيف بأنه تعرض للخطف على يد مجموعة مسلحة تابعة للتنظيم ويطلبون منه، تحت تهديد الأسلحة الآلية والأحزمة الناسفة، التعاون معهم وتنفيذ بعض العمليات الإرهابية وإلا فسيكون مصيره القتل. وقد طالب رواد مواقع التواصل الاجتماعي بوقف عرضه باعتباره يرسخ الفكر الإرهابي المتطرف، ففي حين تحارب كل دول العالم «داعش»، يصر القائمون على «ميني داعش» إعطاء فسحة أكبر للتنظيم وتقديمه بشكل فكاهي مرعب!
برامج أخرى «منافسة»!
دخل الفنان هاني رمزي إلى دوامة برامج المقالب منذ العام الماضي، بتقديم برنامج «هبوط اضطراري» على قناة «الحياة» والذي يؤكد منتجوه أنه حقق «نجاحاً ساحقاً»! وهو ما دفعهم إلى إعادة التجربة من خلال برنامج «هاني في الأدغال» الذي قام بتصويره في جنوب إفريقيا واستطاع من خلاله خداع عدد كبير من النجوم.
أما في لبنان، فقد اختار القائمون على برنامج الكاميرا الخفية «هدي قلب» الذي يعرض على قناة «أو تي في» أن يمارسوا ضغطاً نفسياً كبيراً على ضحاياهم ليصنعوا الإثارة من خلال إطلاق الرصاص والاختطاف وترهيب الفنان لاختبار مدى تحكمه في أعصابه وشد المتفرجين.
أثارت الأموال الضخمة التي تنفق على هذه البرامج تساؤلات بين عدد من رواد ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي حول المبالغ الكبيرة التي يتقاضاها الضيوف، وبعضهم ممثلون أجانب مشهورون، لاشتراكهم.
بين سرقة أعضاء وإرهاب ولعب بالنار لم يعد للمشاهد الحق في الاختيار وأصبح مجبراً على دخول بيت رعب الفضائيات خلال الموسم الرمضاني!
ربما لا يرى البعض في تأثيرات هذه البرامج سوى أنها تزرع الخوف والرعب في النفوس فقط ورغم أهمية هذا الجانب على المستوى النفسي خاصة في ظل الظروف الحالية التي ينتشر فيه الإرهاب في العالم ككل، إلا أنها في الحقيقة تتجاوز ذلك، إذ أن لها أبعاد نفسية سياسية وثقافية، تتجاوز الترويج للإرهاب والعنف، ولكن نتائجها المباشرة لم تظهر بعد.
