الأطفال لا يملكون فرامل!
تطالعنا بين الفينة والأخرى بعض الجهات بعبارات رنانة، ودلالات فنانة، وأسلوب دعائي فارغ، لا يسمن ولا يغني من جوع، القصد منه رفع العتب لا غير، وكأن المسؤول الكريم يقول: أنا موجود!، أنا أعمل! والحقيقة أنه يعمل، لكن لمصالحه فحسب، ولخزائنه فحسب.
وبعض ذلك.. كان عبارة صدّرتها جهة غير معروفة، ولعلها وزارة الأطفال والتعليك التي تُعنى بالطفولة، وتحض على العلكة، وهم القدوة بكثرة التعليك!.
تقول العبارة: «الأطفال لا يملكون فرامل» ويا لها من عبارة! خرجت من عباقرة المعلكين، لم يستطع معلّكٌ قبلهم الإتيان بمثلها..
مفاد العبارة أنك يا سائق السيارة! عليك أن تنتبه إلى فراملك، وتقف حيث لا يستطيع الأولاد أن يقفوا، وعليك يا سائق السيارة أن تحصل على شهادة خاصة ـ وهي غير إجازة السوق ـ..
هذه الشهادة تمنح فقط في سورية، تعلمك تقنيات الضغط على الفرامل! بكل سرعة، وبكل خفّة، تعلمك كيفية إيقاف السيارة حالاً، وكيفية المراوغة بين من يقطع الطريق إلى اليمين، ومن يركض إلى اليسار، ومن يقفز من أمام سيارة إلى خلف أخرى.
كل هذا عليك تعلمه.. لأن وزارة الأطفال والتعليك وأخواتها، لا يفكرون في الوقت الحاضر ـ على الأقل ـ ببناء جسور للمشاة، وأنفاق للأطفال وطرق خاصة للدراجات والعجلات، لأن الميزانية لا تسمح، أو لأنهم مشغولون جداً بتطوير نوعيات نادرة من التعليك المحلي المتميز، والحاصل على الجودة، فليس له مثيل في العالم أجمع!.
عبارة كهذه.. جعلت سائقي السيارات بفرامل APS أو GPS أو FPS أو حتى «فرامل تشحيط الرجلين» يضغطون على الفرامل أكثر من ضغطهم على «البنزين» لأنه ما من دولة في العالم كله، تضع الأطفال والشيوخ وسط الشارع المزدحم، ثم تعاتب السائق وتأمره بالتأني والهدوء، وهو الذي يضطر لتبديل فرامله كل شهر من شدة الضغط عليها عند كل مطب وكل حفرة، وفي كل شارع مكتظ بالسيارات، و بالمتسوقين، أو المتسولين!!!، أو بالأطفال.
عبارة كهذه.. أودت بحياة الكثيرين، ومن بينهم شخصيات علمية وكفاءات وطنية متميزة لا يأتي الزمان بمثلهم في كل حين..
عبارة كهذه... تدفع وزارةُ الأطفال والتعليك ثمنَ جميع تبعاتها، وتدفع الجميعَ إلى الطلب باحترام بتخفيف التعليك، وتقليل موازنته، فقد اكتفينا من المعلكين، والمجمعين والناهبين، وآن لسعادة الوزير.. أن يستقيل!!