تنوع التراث ميزة مطلقة في سورية ..

قدمت الأستاذة ورود ابراهيم أمينة قسم الكلاسيك في المتحف الوطني محاضرة بعنوان «تنوع التراث المحلي السوري» يوم الأربعاء 20/2/2013 في المركز الثقافي العربي في جديدة عرطوز.

قدمت الباحثة لمحاضرتها بتوجيه سؤال إلى الجمهور حول  معنى التراث ومفهومه، وقام الحضور بمحاولة الإجابة من خلال التأكيد على أن التراث يعبر عن هوية المجتمع ودونه لا وجود لنا. وأضاف بعضهم أن التراث يمثل تراكماً حضارياً تحفظه الجينات أيضاً. وشرحت الباحثة مفهوم التراث وأوضحت بأن التراث يجسد الهوية بحق، وأن له جزأين الأول مادي والآخر معنوي، وقد يغيب بعضه ونحافظ على البعض الآخر.

 لحظت الباحثة أن أجدادنا القدامى أدركوا قيمة التراث سابقاً حيث لم تكن اختياراتهم لأماكنهم المقدسة اعتباطية، بل حاولوا الاستفادة  من التراكم التاريخي المخزن في ذاكرة شعوبهم والمخلد  في أهم آثاره المبنية، فلهذا مثلاً اختار الأمويون بناء أهم معالمهم « المسجد الأموي» على أنقاض الكنيسة التي كانت معبداً للإله جوبيتر في يوم من الأيام.

أكدت الباحثة على أن الميزة المطلقة للتراث السوري هي التنوع وقد مثل التنوع الجغرافي الأساس المادي لذلك، وهذا ما ساعد سورية على صناعة حضارات، فالهجرات انطلقت من سورية إلى العالم وليس العكس، كما توصلت الأستاذة ورود من خلال بحثها في هذا المجال إلى خلاصة مفادها «أن الإنسان السوري استقبل جميع الوافدين على مر العصور ووطّن ثقافتهم بأرضه بعد أن أضاف بصمته عليها».

من وجهة النظر العلمية نجد أن اللغة الآرامية لعبت دوراً كبيراً في هذا المجال كونها كانت لغة التجارة السائدة في العالم وذلك وفقاً للباحثة، كما أن الفينيقيين أوقفوا زحف الآشوريين بصفقة «النحث مقابل الأمان»، والإنسان السوري كان مهتماً بالفكر أكثر من اهتمامه بالعمارة، حتى أن الاسكندر المقدوني ظل مهووساً بالوصول إلى سورية كونها بلاد العلم والمعرفة. وقد أهدى السوري العالم فكرة الألعاب الأولومبية وكان الصانع الفعلي لعدة حضارات، حتى حضارات غزاته ساهم هو أيضاً في صنعها فهي قامت على أرضه وبيد أبنائه.

لايغيب عن ذهن الباحثة البعد السياسي للتراث في إطار الصراع الدائم بين شعوب المنطقة وأعدائها التاريخيين، حيث أشارت بوضوح إلى أن أكثر الحقب التاريخية التي يتم الهجوم عليها لتحريفها اليوم هي الحقبة العبرية والإسلامية، و تشير الأستاذة ورود في ذات السياق بالضوء الأحمر على عمليات نهب التراث الذي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في الجولان السوري المحتل بشكل علني، مستفيداً من عدم توثيق تراث المنطقة في العصر الحديث، ولا ترى الباحثة في دعوات اليونسكو  التي تحدثت كثيراً عن التراث المنهوب من مصر والعراق وسورية، سوى أمنيات لا أثر عملياً لها، خاصة في ظل عدم توقيع الدول «محدثة الحضارة» -إن صح التعبير- على اتفاقيات منع سرقة الآثار، والولايات المتحدة على رأس قائمة عدم الموقعين على هكذا اتفاقيات.