اقتباسات: في أحوال المثقفين وأدوارهم 2 مثقف.. بطولة.. معارضة!!
«واتهم المثقف العربي بأنه لم يكن بطلاً ولا فدائياً..!! البطولة نوع عظيم من التحدي والعصيان والبطل هو الذي يتمرد على المجتمع، على أخطاره ومغرياته، هو من ينتصر أو يموت دفاعاً عن شيء، والبطل لا يسير في الطريق العام بل يخرج عنه، ولا يطيع كما تطيع جماهير الشعب الطيب، ولا يرضى عما ترضى عنه، إنه دائماً ازعاج وخروج عن المقررات والقوانين. لكن مثقفنا راكع ومطيع. يطيع القوة، ويطيع الجماهير، والأفكار المعروضة في السوق، وإذا تحدى أو قاوم، فلأنه لا بد أن يكون تاجراً فهو يعارض حيث تكون المعارضة مغنماً، إن مثقفينا يعبدون الله والشيطان في وقت واحد، على حسب انتصار كل منهما وقوته. وأتهمه بأنه ليس ناقداً، لا يعرف الحدود الفاصلة بين الًأكاذيب الكبيرة وبين الحقائق. هو قارئ وسامع وهاو للخرافة، لا مساح يخطط الحدود ويضع العلامات. الإشاعة والخبر المكذوب والحديث في السوق والكذبة السياسية والتصريح الرسمي، كل ذلك حقائق عنده، يتخذ منها موضوعاته وأحكامه على الًأشياء والناس والحياة، ويفسر بها السياسة العالمية والدول والأشخاص والمواقف، ويصنع منها كل الغذاء الذي يطعم بها خرافه. إنه يكذب غباء، تصديقاً لمن يكذبون دهاء. »
«العالم ليس عقلاً»
عبدالله القصيمي/ 1963
عصر.. للصراع
« ونحن نعترف أن العصر الراهن هو العصر الذي وصفه دوستويفسكي بعصر فساد الروح البشرية، لكن لا بد لنا أن نقاوم الوحش الضاري في الداخل والخارج، ومع أن هذه المقاومة تبدو دونكيشوتية أحياناً، وبروميثيوسية أحياناً أخرى، إلا أننا ندرك أن القدر بالمفهوم الإنساني هو الصراع .... ليست المسألة هنا مسألة الخلود أو عرضية الأشياء، إنما أن تكون في عمق العالم، وفي قلب الصراع، لا على السطح أو الهامش.
إن تاريخنا، والمثقفون في طليعة التاريخ، لا يسمح بالاستقالة والانكفاء والهجوع في كهوف الذات، بحثاً عن النجاة والخلاص الفرديين، وفي الوقت نفسه، هذا لا يعني مصادرة الرغبات والأحاسيس والعواطف الشخصية ..»
«أوراق المنفى»
لحيدر حيدر / 1980
خطاب شديد القسوة إلى المواطن العادي
«... مشهد الخراب الذي نراه ونتأفف منه، ونتميز غيظاً وقهراً من قتامته، وامتداد دماره إلى أدق تفاصيل حياتنا، يزحف يوماً إثر يوم علينا، يحاصرنا في البيت والشارع والمؤسسة، ونحن لا نكاد نفعل شيئا أبعد من الاحتجاج الكلامي اللا مجدي، أو اليأس أو الإنزواء، ومن ثم الانكفاء نحو المكاسب الشخصية، وإطلاق عنان الغرائز، وعبادة المال. ولكن هل يجوز القول أن هذا المواطن الصغير الخائف الأعزل والمشروط بضروراته الاقتصادية متواطئ مع سلطة الفساد وآلية الدمار؟ أعتقد أن التواطؤ بين طرفي الصراع هو ما يبقينا في دوامة الفراغ ..
المواطن الطيب في بلادنا، يعتقد أنه ذرة صغيرة مدفونة في جبل من الرمل لا ترفع الجبل ولا تهبط منه. شيء فائض عن الحاجة ... يقول: هم الذين نفوني وأبعدوني، ولا يقول أنا أبعدت نفسي عن المشاكل والمتاعب العامة، التي توجع القلب وتصدع الرأس.. لا ينزل الى الشارع في أزمنة الصخب والملمات والجوع...لا يواجه مسؤول النقابة أو المدير أو الانتهازي الحزبي، لا يفضح المرتشين ولصوص الدولة والمخبرين السريين والعائلات المقدسة والحاكمة، هؤلاء الذين ينهبون الوطن ويفككون وحدته الاجتماعية.»
«أوراق المنفى»
لحيدر حيدر / 1980