أقصى حالات التنكر
«في قديم... قديم الزمان، كانت هنالك جماعة من البشر تعيش حياة بسيطة متناسقة كنشيد أو أغنية. أفرادها متساوون تساوي الأحرار، لا العبيد. يعملون في أرضهم المشتركة كاليد الواحدة. ويتقاسمون الخير كأفراد العائلة. يأكلون من مرقٍ واحد، ولا يرتدون من الكساء ما يزيد عن الحاجة أو الضرورة. في قديم... قديم الزمان، كانت وجوه البشر صافية، وعيونهم شفافة. الباطن لديهم هو الظاهر، لا التواء ولا بغضاء ولا حسد، والحياة بسيطة متناغمة تجري كالجدول العذب أو كالأغنية... وذات يوم... وصار اليوم تاريخاً وبدءاً. دبَّ النشاز في حياة تلك الجماعة المتظافرة. انشقَّ عنها واحدٌ من أفرادها. كان أقوى... كان أدهى، لا يهم، لكنه مزق أملاك الجماعة واستأثر بالحصة الكبرى. انفصل عن الآخرين، وتميَّز، ارتدى كساءً زاهياً. بدل هيئته ووجهه، وتنكر. يومها ظهر المالك، وكانت أولى حالات التنكر. ثم تزين المالك أكثر وأكثر بالأبهة والثروة... تحوَّل المالك ملكاً، وهو أقصى حالات التنكر».
مقطع من مسرحية «الملك هو الملك»- 1977
للمسرحي السوري، سعد الله ونوس