نزيف رقمي في معرض تمام عزام: تنقيح الحكاية السورية

يقام في مركز «أيام للفنون» بدبي معرض بعنوان «سورية» للفنان تمام عزّام، يشتمل المعرض على ستين عملاً فنياً توزعت على ثلاثة أقسام هي: المدن السورية، المتحف السوري، الربيع السوري.

تتنوع بين الأعمال التي تستفيد من التقنيات الحديثة في صناعتها وطرق عرضها، لكن موضوعها العام سوري، إذ يتناول ما يجري على الأرض السورية، ويلامس الأحلام السورية بالخلاص، يسخر مرةً ويبكي مرات. دون أن يكف عن البحث الشاق عن فسحة ما للأمل، فتمام عزام الذي واكب الحدث عمل بأسلوب ما بعد حداثي لإعادة إنتاجه، عبر أعمال ظل يعمل عليها لأكثر من عام، وها هو ذا يقدمها للملأ.

يستلهم تمام الروح السرية لفنون الاحتجاج الفطرية؛ اللافتات، البوسترات، الشعارات.. وهي فنون أخذت صبغة جديدة في الحراك السلمي السوري، بمختلف أشكاله.

لكنها في الحالة الفنية تذهب إلى مداها التاريخي، إضافة إلى أن الشكل الرقمي سهّل تداولها بشكل كبير على الإنترنت.

 عموم الأعمال تركيبية بالمعنى التقني للكلمة، حيث يجد الناظر إلى هذه الأعمال أن مخيلة الفنان قد استفادت من المزج بين الرقمي والفوتوغرافي، بين ما هو فني وغير فني، بين السياسي واليومي، المحلي الخاص والإنساني العام.

في القسم الأول من الأعمال نرى «المدن السورية» في جملة من الأعمال ذات نزعة توثيقية، تبرز الإنساني الذي يغيبه الإعلام وهو يبرز السياسي والعسكري. في «الربيع السوري» تتألق اللوحة الغرافيكية في ذكائها وبلاغتها، ولاسيما حين تقول أشق الأشياء ببساطة لا متناهية: طفل ذاهب إلى المدرسة وحقيبته مملوءة بالأسلحة. طائر يهرّب بعض القذائف. بيوت منهارة لكن ألوان ركامها في غاية السحر والروعة. في «المتحف السوري» أعمال تشاكس التحف التشكيلية الكبرى، حيث نجد دافنشي وغويا وسواهم في الشوارع السورية «مقارناً بذلك أعظم إنجازات البشرية بالدمار الذي يستطيع الإنسان أيضاً صنعه».

ثمة مشاكسات حادة المعنى، ذات دلالات سياسية وشكل فني راق. فعلى سبيل المثال هناك عمل بعنوان «هدنة»، وهو عن الهدنة التي شهدتها أيام عيد الأضحى. في هذا العمل الغرافيكي نرى القذائف معلقة بخيوط في السماء، مؤجلةً سقوطها لحين انتهاء الهدنة، في سخرية سوداء كالحة للغاية.

«سورية» التي يقدمها هذا المعرض هي سورية نازفة، حزينة، مثل سورية الآن في لحظة العصف الدموي التي تعيشها. ومن اللافت في هذه الأعمال قدرتها على تقديم فنّ يتشابك مع حدث لا يزال جارياً، دون الوقوع في الشعاراتية والمباشرة. «سورية» تمام عزام تنقيح بالصور لطوفان دم نعرفه ونعيشه.

ولد الفنان تمام عزام في العاصمة السورية دمشق في عام 1980، وتخرج من كلية الفنون الجميلة في دمشق باختصاص في الرسم الزيتي، وحصل بعدها على شهادة في الفنون الجميلة في عام 2001 من "أكاديمية الخريف" في "دائرة الفنون"، وهي مجموعة ورشات عمل فنية عالية المستوى بإشراف الفنان السوري مروان قصاب باشي.

عرضت أعمال تمام عزام في العديد من الفعاليات الفنية الهامة من ضمنها المعرض المشترك "قصص من بلاد الشرق"، مهرجان "سكوب بازل" الفني في سويسرا في عام 2009 و"آرت ميامي" في عام 2010، وأقام بالإضافة إلى ذلك معارض فردية في "أيام غاليري" في دمشق في عام 2010 وفي "أيام غاليري" في دبي في عام 2011.