إدوارد سعيد ومنجزه الفكري
يقدم مؤلف الكتاب الباحث المصري خالد سعيد بانوراما لسيرة وتجربة المفكر الفلسطيني البارز إدوارد سعيد (1935-2003)، عبر تلخيص كتبه بقدر كبير من الإشادة التي تقترب من التسليم بما انتهى إليه سعيد من آراء «فهو مفكر وإنسان ومثقف وكاتب وناقد وعلامة... أخرج سعيد قلمه من غمده بمجرد ظهور الشعر على وجهه وأمسك به ولم يتركه حتى وافته المنية«، وغير ذلك من صفات الإجلال حتى انه يسبق اسم سعيد بصفة «المفكر العالمي« في أكثر من موضع. ويقع الكتاب في 232 صفحة متوسطة القطع.
ويقول المؤلف أن سعيد كان يربط الظواهر بأصولها، ففي قراءته للاستعمار الغربي يعود إلى الجذور «إلى المجازر التي ارتكبها الغربيون عندما اكتشفوا أمريكا حيث قتلوا عدداً يتراوح ما بين 60 و 100 مليون من سكانها الأصليين... وكانوا يرون في ما يرتكبونه من مجازر ومذابح واجباً إنسانياً ودينياً وأخلاقياً» ، بدليل استمرار الروايات والأفلام الأمريكية في إضفاء صفات الوحشية والتخلف على السكان الأصليين الذين لم يكن اسمهم الهنود الحمر.
ويضيف أن سعيد ربط تلك الجريمة بمجازر أخرى تالية بعضها قريب العهد في اليابان والهند والصين والفلبين والجزائر.
ويرى أن «نظم التعليم الامبريالية« في الدول المحتلة أو حديثة الاستقلال تهدف إلى تعليم الطلبة الأدب الانجليزي بهدف «خلق حالة تفوقية طبقية« ويعتمد في ذلك على سيرة ادوارد سعيد التي صدرت ترجمتها العربية بعنوان (خارج المكان) حين التحق بكلية فيكتوريا بمصر بعد نزوح عائلته عام 1948 من القدس التي ولد فيها.
ويقول إن سعيداً في هذه الكلية أدرك «أنه يواجه قوة كولونيالية جريحة وخطرة« في مكان يدرس فيه أبناء الكبار الذين «تتم تهيئتهم لتولي الأمور بعد رحيل الانجليز«، وكان من زملائه الأمير حسين الذي أصبح ملكا للأردن.
وسجل سعيد في سيرته أن «حياتنا في فيكتوريا كوليدج اتسمت بتشوه كبير لم أدركه حينها... تكلم اللغة العربية.. بمثابة جنحة يعاقب عليها القانون في فيكتوريا كوليدج« وفي كتابه (غزة - أريحا.. سلام أمريكي) سجل أيضا أنه تحمل نصيبه من الشتات والحرمان ولكنه لم يبتعد بفكره وقلبه عن العالم العربي وأنه بعد اضطراره للنزوح «من فلسطين بسبب نكبة 1948 وجدتني أعيش لفترات متفاوتة في مصر - التي قضيت فيها سنوات الصبا - وفي لبنان وفي الأردن« قبل أن يستقر في الولايات المتحدة».
ويضيف أن «غرض سعيد هو التأكيد على الوجود المستمر لفلسطين وواقع الشعب الفلسطيني.. يحاول أن يعكس تهيئة التاريخ مصوراً احتلال فلسطين على أنه احتلال كولونيالي... يوثق للأسلوب الذي بدأت فيه الصهيونية في تنفيذ مخطط الغزو غير المختلف عن التوسع الأوروبي الكولونيالي في القرن التاسع عشر من خلال مساواة الحركة الصهيوينة بالمستعمرين الأوروبيين، فيشدد على ضرورة النظر إلى الصهيونية ليس على أنها حركة تحرر يهودية بل على أنها أيديولوجية غازية «.
ريتورز