«حنظلة.. تاريخ آخر لفلسطين»
صدرت النسخة الثانية من كتاب «كتاب حنظلة ــ رسومات ناجي العلي/ تاريخ آخر لفلسطين» عن (دار Scibest - فرنسا)، وفيها أضاف ابنه خالد رسوماً جديدة إلى هذه النسخة التي تندرج ضمن سلسلة تنشرها حركة المقاطعة BDS،و تبين الجوانب الاستشرافية للفنان الفلسطيني الذي اغتيل في لندن عام 1987.
فقد أضاف خالد ناجي العلي خمسة رسوم لوالده إلى النسخة الثانية من كتاب «حنظلة ــ رسومات ناجي العلي.. تاريخ آخر لفلسطين» ليؤكد من خلالها تنبؤه بـ«انتفاضة السكاكين» في الأراضي المحتلة، وكانت النسخة الأولى قد صدرت عام (2011)، وتحوي 164 رسمة للفنان ناجي العلي وخمسة نصوص تختصر فنه وفكره، ضمن سلسلة تنشرها «الحركة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها، «للتعريف بالقضية الفلسطينية ورفع الصوت عالياً في وجه ممارسات الاحتلال الإسرائيلي عبر رسومات العلي».
الخيط الأساسي!
وقد وضع خالد ناجي العلي أرشيف والده في متناول الحملة بهدف نشره للجمهور غير العربي، خاصة في فرنسا. ويذكر سيفان هالفي الناشط في هذه الحملة في باريس، في مقدمة الكتاب، أنّ رسمة شخصية «حنظلة» التي اكتشفها عام 2003 على أحد جدران قرية يانون القريبة من نابلس الفلسطينية، كانت الخيط الأساسي للتعرّف إلى الشهيد ناجي العلي. ومنه انطلق متبحّراً في أعماله بعد إدراكه أنّ الفنان يختصر تاريخ القضية الفلسطينية من خلال التزامه بها.
يعيد خالد ناجي العلي التذكير بالإرث الذي مرّ عليه أكثر من 30 عاماً، ويضيف أنّ أحد أسباب نشر هذه السلسلة هو الإضاءة على القضية الفلسطينية وعلى خط والده المنحاز للفقراء وللمستضعفين. تفتح رسوم العلي أوراق الأحداث التي عايشها منذ الحرب الأهلية اللبنانية إلى اتفاق «كامب دايفيد» وحرب الخليج الأولى والاجتياح الإسرائيلي للبنان (1982). مؤكداً أن «اللاجئ الفلسطيني تحوّل الى رمز قويّ في وجه كل القوى المهيمنة على الأرض».
صوت الأمل
ينقسم الكتاب الى خمسة أجزاء، وضع نصوصها محمد الأسعد، ومقدمتها الرسام الفرنسي الشهير موريس سينيه، وختم بسرد لأهم محطات الفنان الراحل وبإطلالة على الحاضر اليوم، وخلود فكره ورمزه الأبدي «حنظلة» على جدران الأزقة والمخيمات الفلسطينية. حيث شكّل ناجي العلي «صوتاً للأمل» و«للعودة إلى فلسطين». وتطورت رسومه مع الوقت، واكتسبت نضوجاً فنياً بدأ يتمظهر في الرمز التي أنتجها، وكانت الشخصية الأبرز هي «المقاوم الفدائي» الذي يزنّر رأسه بالكوفية الفلسطينية. سرعان ما طُعنت المقاومة بخناجر من الخلف، مما جعل العلي يركز على فضح كل من يدّعي بأنه «يناضل من أجل فلسطين»، كما ركز العلي في رسومه على دور الولايات المتحدة الأمريكية، وأعلن عن موقفه ضد مشروعها. وتصاعدت نبرة النقد السياسي والمعنوي أمام تقديم الآلاف الشهداء.
الشاهد.. المستمر!
يوضح الكتاب أيضاً أن شخصية حنظلة ليست «صورة طفل ساذج يروي الحكاية ويسمعنا إياها»، بل هو كما قال ناجي «الشاهد الذي يدّق ناقوس الخطر» على كل المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية. هو عابر للحدود ويختزن ذاكرة ثقافية ضخمة، ومنها يوّرد «رسائله لإثارة الوعي» في الرأي العام. مما يؤكد القدرة التي امتلكها في أعماله وظلت حيّة تواجه مغتاليه، وتستقرئ الأحداث بعد ربع قرن من إنجازها، كأنها رسمت اليوم.
يطوي «كتاب حنظلة» فصوله بالحضور القوي لرسوم ناجي ورمزه «حنظلة» رغم مرور كل هذه السنوات. هذه الشخصية بصدقها صارت تختصر مأساة الشعب الفلسطيني، ورسوم ناجي فتحت كوة «الأمل بالنصر وبالعودة الى فلسطين».