شاعر القصيدة الأولى!
قليلون جداً من يعرفون اسم الشاعر علي حريري، كاتب أول قصيدة كردية باللهجة الكرمانجية العليا، أو الكرمانجية الشمالية. ويعود السبب في ذلك إلى الحروب والغزوات الإقطاعية التي حدثت في مناطق من الشرق، بين القرنين العاشر والخامس عشر الميلادي، والتي ضاعت أو سُرقت أو أًحرقت بسببها مكتبات كاملة، ضمت آلاف الكتب. وضاع معها قسم كبير من تراث الشرق الغني والمتنوع، ومنها أعمال وكتابات هذا الشاعر.
يؤكد الباحث «الكردولوجي» الروسي ألكسندر جابا في كتابه «Recueil de Notices et recits KOURDES» أن الشاعرعلي حريري ينحدر من قرية «حريري» في ناحية «شمزينان» في سنجق هكاري «ولاية هكاري حالياً»، وأنه عاش بين عامي (1009 - 1078م)، وكان شاعراً مشهوراً في نواحي الجزيرة والعراق وأرمينيا وآذربيجان وكردستان، وترك العديد من القصائد.
عاش الحريري وتوفي ودفن في قريته، وما يزال قبره هناك إلى اليوم، ولم يصلنا من أعماله المكتوبة والتي ضاع أكثرها سوى ديوان واحد، موجود في مكتبة الأديب سالتيكوف شيدرين العامة للدولة في سان بطرسبورغ الروسية. قام الباحث الكسندر جابا الذي كان يعمل لأكاديمية سان بطرسبورغ الروسية بجمع قصائده التي نجت من الضياع والسرقة ونشر بعضها في كتابه السابق الذكر، ووضع بقية القصائد في مجموعة تحت اسم «علي حريري» وهي الموجودة اليوم في مكتبة شيدرين منذ القرن التاسع عشر.
نشر الكاتب الالماني آلبرت سوسن في مؤلفه «نصوص كردية» المنشور في سان بطرسبورغ، بعض القصائد الإضافية للشاعر «علي حريري»، وكان قد جمعها أثناء رحلته البحثية العلمية التي قام بها إلى الشرق لمصلحة أكاديمية سان بطرسبورغ.
وتكاد تكون النصوص التي جمعها الباحثان «جابا» و«سوسن»، النصوص الأصلية الوحيدة المتوفرة عن هذا الشاعر، بالإضافة إلى ما نشره البروفيسور قناتي كردوييف في كتابه «تاريخ الأدب الكردي» الصادر في لينينغراد من قصائد.
أما الباحثة مارغريتا رودينكو، فقد كتبت دراسة عن شعره، مؤكدة أنه كتب قصائده باللغة الكردية، والحروف العربية وصنفت قصائده في ثلاثة محاورتضمنت: الحب، التصوف، معاداة الإقطاعية. وقد نشرت هذه الدراسة في النشرة الاستشراقية السوفييتية العدد الثالث لعام 1972.
عُرف علي حريري بانتقاداته اللاذعة للإقطاعيين في قصائده. يقول في إحدى قصائده المترجمة عن الكردية: «إن هؤلاء الخانات لا يشبعون أبداً/ يبيتون هنا حتى تقصد الروح صاحبها/ وأي فرامانات يصدرها الأسياد/ هذا السيد الذي احتكر الحقيقة/ وسرق العقول هنا/ يفطر بالجواهر أمامنا/ قادماً من بذخشان/ وأنا الشاب الشاحب والفقير/ ضائع في هذه المدينة المتغيرة/ وفُرض علي السفر في بيتي/ بينما يبيت هؤلاء الصلعان هنا/ حتى تقصد الروح صاحبها».
وفي قصيدة أخرى غزلية يقول: «أرسلوا هذه العيون إلى الشمس، لتأتيني بزجاجة نبيذ من هناك، وإذا قمت بوصف الحبيبة، ستتركون صحوتكم جميعاً..».
ويضيف في قصيدة أخرى: «وعندها بستان من مائة ربيع، تستنطق البلابل الخرساء لتغرد، تلفها مائة وردة، وبدأت البلاد تغني وتعاني وتتألم، وكيف أن الورد خرج من بين الجدائل، وانهال الشيلان والبنفسج علينا».