تكفينا الـ«زبالة» اللي عندنا؟

تكفينا الـ«زبالة» اللي عندنا؟

العبارة أعلاه، كانت شعاراً في نشاط احتجاجي نظمته فعاليات شبابية وسياسية وشعبية لبنانية، ضد محاولات دفن جثمان «انطون لحد» في الأرض اللبنانية، وفي السياق ذاته، كانت شعارات أخرى مثل «أرض لبنان ليست مكب نفايات»، وقبلها كانت «طلعت ريحتكم».. 

وفي الحراك الشعبي العراقي أيضاً تكرر المنحى ذاته، حيث عرضت وسائل إعلامية شعارات «باكونا – سرقونا - باسم الدين» وهوسات رددها المتظاهرون من نمط «هاده وطنا ما نبيعه.. سنة وشيعة» وغيرها من الشعارات والهتافات التي أبدعها الناس في خضم حركة الشارع، والمعبرة، عن قيمها، بلغة بسيطة  -عامية - على الأغلب، بما فيها توظيف الفلكلور أحياناً، لتكشف حقيقتين أساسيتين:

إن النموذج النمطي الذي حاولت أغلب وسائل الإعلام تقديمه، عن البنية الديمغرافية، والاجتماعية في دول المنطقة بأنها مجرد خنادق طائفية أو دينية، هي نسخة مصنعة، ومزورة، يراد لها أن تكون هي السائدة، وإن ما يكوّن الضمير الشعبي هو غير ما تحاول النخب السياسية فرضه على الناس من خلال الدفق الإعلامي.

إن وعي المواطن العادي، يتجاوز «وعي» أغلب النخب السياسية، التي تقدم نفسها باسم الطوائف والأديان، ويرتقي إلى مستوى الوعي الوطني الحقيقي، ويستمد قوة حضوره من تعبيره الدقيق عن مزاج أغلبية الناس، بدلالة التفاعل الشعبي الواسع مع هذه الشعارات والهتافات.

إن الوعي الجماهيري، يتجدد شكلاً ومضموناً من خلال التجربة، وبشكل متسارع، ويتجاوز الخطاب التقليدي البائس، لأغلب القوى السياسية التقليدية، ويؤكد قدرته على الاستقطاب، وفق مصالح الناس الاجتماعية، فهو وإن كان يحاكي المشاعر والأحاسيس ومنظومة القيم الأخلاقية من جهة، فإنه أيضاً يعبر عن المصالح العميقة للأغلبية الشعبية الحقيقية.