عمر حجو.. رحيل ذاكرة فنية ومجتمعية أخرى

عمر حجو.. رحيل ذاكرة فنية ومجتمعية أخرى

رحل الفنان عمر حجو (1931-2015)، ، صاحب الوجه الأكثر شعبيةً وتعبيراً في الدراما السورية، عن عمر ناهز 84 عاماً، وبرحيله أسدل الستار على أحد أهم أركان ذاكرة الفن السوري.

الفنان الذي أسس «مسرح الشوك» في الستينيات، كان يؤكد أنه «عليك أن تحبّ الفنّ أكثر من حبّك لنفسك».  ولذلك أدّى أدواره بمزيج من العقل والعاطفة، واستطاع توظيف الواقعي لا الابتعاد عنه. وتقديم دراما ممتعة، تحاكي الواقع ببساطة وعفوية مدهشة دون مبالغة أو تصنّع.  قال ذات مرة:« كانت فرصتي للتعرّف على نماذج مختلفة من الناس، ومعايشة طبقة القاع التي تشبهني».

وشكل أول فرقة مسرحية خاصة فيه بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956 مع الفنان عبد المنعم اسبر حملت اسم «الفنون الشعبية» وكان أول من أدخل التمثيل الإيمائي إلى المسرح العربي في عرض «النصر للشعوب» عام 1959 في القاهرة. ساهم في تأسيس المسرح القومي والتلفزيون السوري ونقابة الفنانين السوريين. لم ينشغل بشخصية محدّدة، ولم يلجأ للسخف والابتذال، لقد سعى «أبو الليث» إلى صناعة الشخصيات الشعبية بعيداً عن وهم أدوار الصف الأول. وكان متصالحاً مع نفسه، لم تنل منه أمراض النجومية ومجاملات الصحافة الفنية. 

عُرف بحبّه المفرط للعمل، وحيويته أمام الكاميرا، وقدرته على التقاط الإنساني من الدور الذي يؤديه، وتطويره لهذا الجانب. كان يعمل بصمت، ويتقمص أدقّ تفاصيل شخصياته. واستطاع أن يحيل أي دور صغير يسند إليه إلى شخصية فاعلة أو متميزة، من خلال الاشتغال على العالم الداخلي للشخصية، بدلاً من محاكاتها خارجياً عبر إكسسوار ما أو زي فاقع، فكان أداءه الحار والعميق، لأدوار الأب والجد في الدراما التلفزيونية، شخصيات لا تُنسى قام بأدائها، رسخت في وجدان متابعيه.

انفرد بجاذبية قلّ نظيرها في إعادة مادة الضحك إلى ميزانها الشعبي وحسّها النقدي اللاذع، من دون التخلّي عن تلك الأدوار التراجيدية التي لعبها باقتدار. 

مهارة لا تجارى وزعها الممثل الراحل بين الكوميديا والتراجيديا. في تجربة الراحل الفنية التي تزيد عن خمسين عاماً استطاع اللعب، في كلّ مرة يقف فيها أمام الكاميرا، على وتريّات نفسيّة مختلفة ووصل إلى  جمهوره، بلا تكلف ولا مهاترة شكلية أو صوتية.

في العام 1973، أسّس مع دريد لحام ومحمد الماغوط فرقة «تشرين» المسرحية التي قدّمت عروض «ضيعة تشرين»، و«غربة»، و«كاسك يا وطن»، و«شقائق النعمان». كما أسّس المسرح «الجوّال» بالتعاون مع المسرحي سعد الله ونوس والمخرج علاء الدين كوكش. في رصيد الراحل السينمائي أفلاماً عديدة منها «صحّ النوم»، و«إمبراطورية غوّار»، و«الحدود»، و«التقرير»، و«كفرون».

وللراحل رصيد كبير في الدراما التلفزيونية، فهو من أبرز شخصيات سلسلة «بقعة ضوء» في أجزائها كلها،  وصولاً إلى «سنعود بعد قليل» عام 2013، وإلى جانب عشرات الأعمال التلفزيونيّة، منها «باب الحارة 6»، و«الخربة»، و«باب المقام»، و«الانتظار»، و«سيرة آل الجلالي»، و«الثريا»، و«الدغري» وغيرها.

آخر تعديل على الإثنين, 09 آذار/مارس 2015 14:51