مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة.. تفاوت في المستوى وضعف في المقاربة

مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة.. تفاوت في المستوى وضعف في المقاربة

ربما يبدو الحديث عن مهرجان وسينما في ظروف أزمة وحرب تعيشها البلاد ضرباً من الترف، ولكن مازال الناس بحاجة لجرعة منه، ليكونوا قادرين على التحمل والبقاء. أقيم في دمشق مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة الأول الذي امتد ستة أيام شهدت خلالها دار الأوبرا السورية أكثر من ثلاثين فليماً ضمن منح دعم سينما الشباب وستة أفلام قصيرة من إنتاج المؤسسة العامة للسينما.

جاءت دورة المهرجان للاحتفاء باليوبيل الذهبي للسينما السورية، خاصة بعد توقف مهرجان دمشق السينمائي بسبب الأزمة. فتفاوتت عروض المهرجان على المستوى الفني والسينمائي منه، حيث ظهرت فوارق كبيرة بين الأفلام المعروضة، فقد جاءت بعض الأفلام على مستوى جيد سواء من ناحية الفكرة أو الحرفية، بينما سجلت أفلام أخرى حضوراً صادماً من جهة الأفكار العادية التي حملتها أو المشاهد الفقيرة جداً أو التصوير الذي كان أقرب لعمل الهواة. ولكن المشكلة الأساسية كانت في المواضيع التي حاولت أن تقارب الأزمة السورية، واللوحات التي حاولت أن ترسم سورية في ظل الأزمة، فكانت لوحات سوريالية، بعيدة عن الواقع. 

 خطوة مهمة وجريئة

ربما أتاح المهرجان لبعض الشباب تجسيد أفكارهم في أفلام سينمائية في مبادرة هامة، ولكن الأسئلة المطروحة على المؤسسة العامة للسينما بالذات، والتي أكدت أن الأفلام الشابة في المهرجان «تشكل نقطة مفصلية هامة في سيرورة السينما السورية» وأن المهم «إتاحة الفرصة.. والدعم لتجسيد أفكار شباب سينمائياً في أفلام » - على أهمية الفكرة ومشروعيتها- ماهي شروط الدعم وما هي المشروعات التي تستحقه؟ ولماذا وكيف تم اختيارها وكيف ظهرت؟ 

حصاد الجوائز..!

ونال فيلم «سلم دو الكبير» ليارا شما تنويه خاص من لجنة التحكيم، بينما نال ماهر المؤنس جائزة أفضل سيناريو عن نصه «عشر دقائق بعد الولادة»،وذهبت جائزة أفضل إخراج لسيمون صفية عن فيلمه «جوليا» إضافة لفوز الأفلام السابقة بفرصة إنتاج فيلم قصير احترافي من المؤسسة العامة للسينما.

وذهبت جائزة لجنة التحكيم الخاصة لفيلم «ضجيج الذاكرة» مع فرصة إخراج فيلم قصير احترافي للمخرجة الشابة كوثر معراوي ونال فيلم «تارك» للمخرج هيثم مسوح الجائزة البرونزية للمهرجان وقدرها 200 ألف ل.س، وذهبت الجائزة الفضية وقدرها 250 ألف ل.س لفيلم «خطوة أمل» لفراس كالوسية، بينما حصد فيلم «دوران» لمخرجه وسيم السيد ومؤلفه علي وجيه الجائزة الذهبية وقدرها 300 ألف ل.س. وأعقب حفل توزيع الجوائز عرضاً كاملاً للأفلام السبعة الفائزة.

والمشكلة في هذه الجوائز ليس فقط تواضعها، بل في المعايير التي جرى على أساسها اختيار الأفلام الفائزة، فقد ظهرت أسماء مكررة في أكثر من فيلم، وهناك بعض الممثلين في أفلام، كانوا مساعدين مخرجين في أخرى!!  وفي ظهور مكرر بالنسبة لأسماء ممثلين في أكثر من فيلم، مما يفتح مجدداً باب السؤال: على أي أساس جرى الاختيار، وماهي المعايير المستخدمة؟ لماذا يتكرر ظهورمشاركات متعددة لأسماء بعينها، مرة مخرجاً ومرة كاتب سيناريو أو ممثلاً؟!

واللافت أيضاً وجود أفلام توثيقية لا تنتمي لسياق الأفلام الروائية القصيرة، رغم اشتراكها مع كثير من الأفلام في حوامل موضوعات الحرب وتداعياتها،  لكنها بدت خارجة عن السياق المتوقع من ناحية وكونها جاءت تقريرية وضعيفة رغم محاولتها مقاربة ويلات الحرب والأزمة من ناحية أخرى كفيلم «العصافير الجريحة».

ولفتت أفكار بعض الأفلام في سينما الشباب الانتباه مثل: شايف البحر شو كبير، ستي حسونة، دواليب الهوى، ضجيج الذاكرة، بالإضافة إلى حضور عال لمستوى الأداء والتمثيل والتي شكلت عاملاً رافعاً في بعض الأفلام، وجاءت أفلام أخرى هزيلة وضعيفة ومخيبة للآمال خاصة وأن التوقعات المتعلقة بالثقة بوجود أجيال شابة مبدعة وقادرة على الظهور والإنجاز في سورية عالية، ولكن ضعف الأفكار وتشتتها، والضعف الواضح في التمويل لجهة ما تحتاجه هذه الأفلام من أدوات وديكورات وغيرها، والذي لمسه المشاهد نفسه، أفسد متعة التلقي. 

ورغم مشاركة نجوم كبار في المهرجان، ورغم التغطية الكبيرة التي نالها من المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة، إلا أن المتابع والمشاهد السوري كان يرغب أن يحترم عقله ومشاعره، لأنه وحده يعرف تماماً أن ما عاناه في الأزمة كان أكثر سوريالية  من أغلب اللوحات التي قدمت عنه.