مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر: مسرحية «حقائب» وحدها المهرجان
نبيل محمد نبيل محمد

مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر: مسرحية «حقائب» وحدها المهرجان

كان وقع «مهرجان دمشق المسرحي الخامس عشر» في نفوس المسرحيين والاختصاصيين وحتى المتابعين مؤسفاً للغاية، وهذا الأسف لم يأت من سوء التنظيم أو من حفل الافتتاح أو من ضياع الإدارة، لأن هذه المسببات كانت دواعي بسيطة للخيبة أمام الداعي الأكبر وهو فقر وضعف وسوء الأعمال المنتقاة خلال المهرجان، على اعتبار أنه لم يتم تقديم أي عرض مميز منذ بداية المهرجان وحتى نهايته باستثناء عرض أو عرضين ينتميان إلى المسرح التونسي، هذا المسرح الذي ينقذ المهرجان سنوياً بعروضه التي تستحق 

شراء بطاقة وقضاء ساعة أمام الخشبة الميتة.

33 عرضاً مسرحياً لا يمكن الخروج من أي منها بابتسامة أو بشكر للجنة المُشَاهدة، باستثناء العرض التونسي «حقائب» الذي نال ذهبية مهرجان القاهرة المسرحي 2010، وكان حضوره في دمشق ذا وقع مميز لانتمائه لتجربة مسرحية عريقة وتعتبر الأهم على مساحة خشبات الوطن.

فمن الضياع وانعدام الصيغة في العروض الخليجية مثل العرض القطري «أنا أنت الإنسان» الذي لم يفهم حتى القائمون عليه أبجدية عرضهم لا أداءً ولا فكرة ولا إخراجاً وإنما يعبر عن جيل مسرحي ينبئ بالفشل الذريع وضياع المعنى وغياب الفكرة.

أما «جمهورية الموز» وهو العرض الأردني الذي كتبه الدكتور رياض عصمت فقد حقق ميزة تجميعية من خلال قدرته على التقاط تفاصيل المسرح الاستهلاكي الهزلي الذي يقدمه همام حوت، بالإضافة إلى الاستناد إلى مسرح عادل إمام التهريجي، إنما بصيغة ضعيفة وغير مؤثرة.

أما التجربة اللبنانية الحديثة من خلال «مساحات أخرى» لجنى الحسن فقد عززت من خيبة الأمل في الأطروحات المسرحية الحديثة في لبنان وسواها.

ولم تختلف عن هذه النماذج أغلبية العروض الأخرى بل فاقتها في ضياع الفكرة وانعدام الموهبة وفقدان الاحتراف والاستعراض المجاني حتى في بعض العروض السورية.

وحدها مسرحية «حقائب» للمخرج جعفر القاسمي بدت لوحة شاذة ضمن هذه المعرض الموات، حيث قدمت الحيوية والتألق والألمعية.. هذه التي تعد مزايا عامة للمسرح التونسي الحديث. وربما جسدت هذه المسرحية مرض العروض الأخرى بجدارة، سواء بتميزها ووضعها في طرف مقارنة مقابل غيرها، أو من خلال موضوعها وهو المسرح في العالم العربي. هكذا كانت المسرحية صرخة مدوية في صمت مسرحي عارم وفضاء فارغ وخشبات متهاوية تستعرض أزمة المسرح العربي وأزمة الذائقة المسرحية الرسمية في سورية، وفشل إدارة المهرجان في صياغة فرجة صالحة لأقل من عشرة أيام.

وضمن هذا الإطار يمكن أن نقترح على إدارة المهرجان تخصيص جائزة واحدة للعرض الأكثر موتاً وفشلاً، وبهذه الحالة ستتنافس على هذه الجائزة أكثر من خمس وعشرين مسرحية من مسرحيات هذه الدورة، أو ربما كانت كل هذه العروض تستحق الجائزة بجدارة، وعندها فقط سيكون للجان التحكيم والمُشاهدة دور كبير وفعّال وأكثر نزاهة!!