رائد وحش رائد وحش

ربما ..! الأميّة تصبح محكمة تفتيش

لم يكن لأحدٍ أنْ يتخيّل ما سيحدث مع أبي عامر، هو نفسه لم يَعِد نفسه بشيءٍ من هذا القبيل!! بدأ هذا الرجل البسيط حياته المهنيّة عاملاً في مطبعة. وقتها كان عاملاً شديد النّشاط وافر الإنتاج، وكان سيظلّ على ما هو عليه من بساطة وعفوية لولا مشاجرة صاحب المطبعة والمصمّم التي انتهت بترك الأخير للعمل. أبو عامر وجدها فرصة مؤاتية، فراح يهوّن الأمر على ربّ عمله، ومرّر، بدهاء مكشوف،  فكرة أنه ما من مشكلة، فهو مستعد لأن يستلم التصميم لاستمرار العمل، لا سيما وأنه سرق مصلحة التصميم، هكذا 

قال، وبهذا اقتنع معلّمه..

من يومها أصبح اسمه أبا عامر ديزاين، وقد جاء هذا كما يأتي البلاغ رقم واحد، طبعاً ليس عبر أثير الإذاعة، بل من خلال منجزه الفنيّ الأول؛ كرته الشخصيّ.

في مرحلة التصميم لم تتجاوز مخيلته الورد، فراح يضع صور الجوري والحبق والقرنفل والنفناف والياسمين... إلخ على أغلفة الكتب والمفكرات وبطاقات الأعراس، في مبالغة غريبة تجعلك تشعر أن هذه المطبوعات صادرة عن «مديرية الحدائق» في محافظة المدينة.

بعد فترة وجيزة من لمعان اسمه في السوق نظر أبو عامر باحتقار إلى صاحب المطبعة، وغادر العمل بلا سبب. وخلال أيام اشترى مطبعة ريزو عبر قرض تسليف شعبي، ليعلن بدء رحلته الفكرية حيث وضع في رأسه فكرة واحدة هي ركوب موجة الانتصار للدّين، لكنه لم يستطع فعل شيء جديّ في هذا المجال إلا مع تأسيسه لدار نشر، بدأت فوراً بإعلان الحرب في باكورة إصداراتها التي قام أبو عامر شخصياً بتأليفها بطريقة (قص، لصق). ففي كتابه الضخم ثمة فكرة واحدة فقط، مفادها أن كونفوشيوس ولاوتسي وبوذا وزرادشت والحلاّج والمتنبي وأبو نواس وأبو حيان التوحيدي وأبو العلاء المعري، وحمدان بن قرمط.. وسواهم العشرات، ليسوا سوى كفّار.. نقطة انتهى. هذا هو المنهج، وبهذا ملأ أربعمائة صفحة من القطع الكبير بمتنٍ وحواشٍ ومراجع من الإنترنت، حتى أنه لم يتوان عن استعمال كلمات انكليزية وعبرية بكتابتها الأصلية، علماً أنه لا يعرف عنها شيئاً.. فكل ما يفعله هو الجلوس إلى الإنترنت ليتحدّث على الماسنجر أحاديث خليعة مع «بنت الديرة» و«ريم الفلا»، وخلالها يسرق الوقت ليبيح دم أحد الفلاسفة أو الأدباء أو القادة التاريخيين..

سلاح التكفير الذي يشهره اليوم أبو عامر ديزاين بتأثير من استشراء الحالة السلفيّة، لم يعد مجرّد رأيّ مخبأ في طيّات نفسه بعد أن صدر عن داره، خاصّة وأن مشروع هذه الدار على ما يبدو هو إصدار الكثير من الكتب التي ستقوم بتسفيه أعلام الثقافات الشرقية والثقافة العربية والإسلامية.

تبقى مشكلة المشكلات أن اتحاد الكتاب العرب قد أجاز طباعة هذا الكتاب، ومع كتابين آخرين تكتمل شروط الانتساب إليه، فبالتأكيد سيصبح أبو عامر عضواً في هذا الاتحاد، وربما بعد فترة سيصبح عضو مكتب تنفيذي فيه، أو رئيساً له.. لم لا؟؟ ما من مستحيل في هذه الفوضى الثقافية العمياء!! وما دام الرّجل السّاذج قد صار قاضيّاً يحاكم تراث المنطقة ورجالاتها المبدعين، بمباركة رسميّة تحميه وتشجّعه، ستبدو الأشياء الأخرى عادية وممكنة

آخر تعديل على الأربعاء, 07 أيلول/سبتمبر 2016 01:58