«إن أردتم البقاء بقوة.. فبالقوة ستهزمون»

«إن أردتم البقاء بقوة.. فبالقوة ستهزمون»

قدم المخرج الجزائري بلقاسم حجاج في فيلمه السينمائي الروائي الطويل الثالث سيرة «فاطمة نسومر»أشهر وجه نسائي في  المقاومة الشعبية الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي.

يبدأ الفيلم بقصيدة مغناة على لسان الراوي يقول فيها «أهدينا أعمارنا/ لشباب وشابات بلا تمييز / فاضت دماؤنا/ وحفرت وديانا/ وبين العدو وبيننا/ العيش معكم مستحيل/ إن أردتم البقاء بقوة/ فبالقوة ستهزمون». في عام 1840 في منطقة القبائل، التي عرفت بتمردها وثورتها القوية على الاحتلال الفرنسي عندما كان يتأهب لغزو هذه المنطقة الاستراتيجية.
قامت بأداء دور فاطمة أتيتيا عيدو «وهي في السادسة عشر من عمرها، ورغم صغر سنها فإن شخصيتها المميزة، حددت مسار حياتها برفض  ذلك النظام المفروض آنذاك على المرأة الريفية والذي يحجم من وجودها ويعيق تطورها حيث تربت في بيت علم وثقافة. وبعد معاناة طويلة تجد فاطمة مكاناً رائداً لها في المجتمع، ويبرز خطابها في مجلس العروش المتردد، المقتصر عادة على الرجال، تحثهم فيه على المقاومة وعدم التخاذل وتسليم البلاد للمحتل.
اشتركت فاطمة في معركة 18 يوليو 1854 التي هزم فيها الفرنسيون وانسحبوا مخلفين مئات القتلى والجرحى.  ولهذا انضم إليها عدد من قادة الأعراش وشيوخ القرى فراحت تناوش جيوش الاحتلال وتهاجمها ليجند الجنرال الفرنسي روندون سنة 1857 جيشا قوامه 45 ألف رجل بقيادته شخصياً، ويمضي به الى حيث تتمركز قوات فاطمة المتكونة من جيش من المتطوعين قوامه 7 آلاف رجل وعدد من النساء. وتجري معركة شرسة، اتبع فيها الفرنسيون سياسة الإبادة والقتل الجماعي لكل سكان المناطق المتمردة، ولم يسلم منهم حتى أشجار الزيتون التي عمرت مئات السنين، فقطعوا الآلاف منها في المنطقة.
وفي عام 1857 أسرت «فاطمة نسومر» لتواجه الجنرال الفرنسي روندون بخطاب يؤكد له على استمرار المقاومة، واقتيدت بعدها إلى سجن بالمدية بوسط الجزائر تحت حراسة مشددة توفيت في سبتمبر 1863 قبل أن تبلغ الـ 33 سنة من عمرها.
صور بلقاسم حجاج  المشاهد الأولى  لفيلمه «فاطمة نسومر»، باللغة الأمازيغية مع فرنسية، في قرية «أورجة» مسقط رأس البطلة، ثم بالقلعة بمنطقة  «تسامرت» و«تيزي» ببرج بوعريريج، نظرا لعراقتها تاريخياً وكونها تتوفر على جبال ومسالك وعرة.
قدم المخرج فيلماً مشغولاً بأناة وخبــرة سينمائية عالية المستوى، وعرض سيرة تاريخية سياسية بعيداً عن المباشرة والتنميط والخطابية المعهودة في أفلام كهذه.
الفيلم من إنتاج الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بدعم من وزارة الثقافة ووزارة المجاهدين، والمركز الوطني للدراسات والبحث في الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر 1954 وماشاهو للإنتاج.