الثورة والثقافة.. هل انتهى عصر السيليكون والفهلوة؟

الثورة والثقافة.. هل انتهى عصر السيليكون والفهلوة؟

وضعنا سؤالاً بسيطاً أمام مجموعة من المثقفين ينتمون لأكثر من بلد عربي: إلى أي مدى ستساهم الثورات في فن جديد؟؟ إلى أية درجة سنرى كتابات وسينما وتشكيلاً... إلخ، من رحم هذا الوعي الثوري الجديد؟؟

ومن السؤال جاءت الإجابات.. الصحفية عتاب لباد قالت: «أظن أن قمع الأقلام سيتوقف.. على الأقل هذا ما أطمح إليه..»، بينما أكد منذر مصري، في حديثه عما ستتمخض عنه الثورات العربية ثقافياً وفكرياً، أنه وبلا ريب سيكون هناك كتابات وأفلام وتشكيل .. ولكنه عاد ليقول: «لا أدري لماذا أشعر بأنه لن أكون أنا بين من سيفعلون شيئاً كهذا .. ربما أكتب مقالا ما.. ولكن ليس قصيدة.. ربما لأني لا أكتب عن ظاهرات عامة كهذه، وربما لأني لم أعشها فعلياً، لم أشارك بها، لم أكن أحد الذين قاموا بها .. ولكن إذا حدث مثل هذا في بلدي وكنت ممن سيعيشونه ويخبرونه .. ربما أفعل..».

الشاعر والناقد خضر الآغا أشار إلى أن الثورات والاحتجاجات والمظاهرات... سترغمنا على التأمل بتاريخنا، بذواتنا، بثقافتنا، بمفاهيمنا، بكتاباتنا... إلخ. بصرف النظر عن النتيجة، وأكد على أن المهم أن هذه الثورات ستجعلنا نفعل ذلك! وربما ستظهر حالات كتابية، فنية شعبية، وشعبوية، وجماهيرية. لكن المهم أنه سوف يعاد طرح السؤال عن ماهية الكتابة والفنون ومعناها من جديد. أظن ذلك.

دانا الشيخ لفتت إلى أن جميع المثقفين والمبدعين الذين تسربلوا في الظل لعقود طويلة، سيشكلون المشهد الثقافي المستقبلي في العالم العربي، لأن الأنظمة السياسية المستبدة كانت تستعين بأشباه المثقفين وبهلوانات من الكتاب والصحفيين وتشكل بذلك لوبي الإفساد للذائقة الجمعية، بهدف تسطيح الوعي... وقالت: «أنا متفائلة جداً بالمستقبل والمشهد الثقافي العربي .. لا هيفاء وأحاتها بعد اليوم .. لا سليكون ... لا أفلام سينمائية تحاكي نموذج الفيديو كليب... لا ضوضاء لا ضجيج ... فهذا زمان المهمشين».

الشاعر المصري خالد حسان في معرض رده على التساؤل المطروح أوضح أن الفن يزهو في الحرية كما يتألم في القمع ..معتبراً أن «كليهما سيان: زهوه وألمه».

طارق العربي أشار إلى أن الثورات ما زالت في مرحلة المخاض، واعتبر أن الأدب سبق الثورات بالحلم والكتابة والفنون، وتساءل قائلاً: «ألا ترى الذي يقطع البحار ويتزوج انجلينا جولي بداية؟». وأكد العربي أن على الكتابة والفنون كلها أن تحرس الثورة الآن، أن تحرسها منا ومما يسول للبعض من ركوب الموجة عليها أن ترفع الشعار «من لم يمسك ريشته وذهب ليرسم في ميدان التحرير ليس بفنان، من لم يمسك عوده وذهب ليغني الحياة في تونس ليس منا، من لم يكتب ليقول الحقيقة وليقول كفى ليس منا وليس من الثورة» وبعد أن ينتهي كل شيء على الفنون أن تعيد البناء بناء الإنسان والمحبة فمن أحب الحرية أحب الناس جميعهم.

ميادة العظم أكدت أن بين حرية الفن والوعي الثوري تناغم واتساق، فالفن بطبيعته ثوري ذو طابع فوضوي حاد يرفض أية وصاية أو قولبة. وقالت: «نظرا لتاريخنا المجيد في قمع الحريات بكل أشكالها ومساحاتها!! أرى أن أي تغيير سيطرأ على الفن قد يحتاج إلى وقت لكي تتضح معالمه، ويثمر شرط ضمان ديمومة الحريـــــة.. ففي ظلها ستختفي الببغاوات وسيرتقي الفن لآفاق لم تخطر ببال.. هذه الثورة دفعت بوعي الملايين آلاف الخطوات للأمام وتدريجيا بعدها سيكون متاحا تطوير ثقافة فنية عاليــة للجميـــــــــــــع...».

د. هادي الأيوبي قال: «بدأت الثورات ولم ولن تنتهي حتى يتغير الوجه القبيح للعالم. وربما من حسن حظنا أننا نعيش في هذا الزمن لنكون شهودا على أجمل مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني: مرحلة الصعود». وأشار إلى الكتابات والإبداعات «هيأت لهذه المرحلة وإلى أن كل مثقف وفنان سيتابع حمل جذوة النار ليضيء الطريق للثوار، وأبرز ما ستنتجه هذه الثورات هو على الصعيد النفسي للمثقف: اليقين من جمالية النار. وعلى الصعيد الفني: توكيد أن المكان الحقيقي للمثقف الحقيقي هو بين البشر وليس في أبراج الجوائز وقصور الثقافة». ولفت إلى أنه «ثمة علاقة ستتوطد بين المثقف والشارع حيث يجب أن تتغير اللغة والفنون بحيث تتماهى مع الشعوب وترقى بها من أجل تتمة مسيرة الثورات الفكرية».