في أبعاد المعركة حول زياد وفيروز..

في أبعاد المعركة حول زياد وفيروز..

تناولت الصحافة اللبنانية والعربية خلال اليومين الماضيين وبكثافة عالية، نقل زياد الرحباني لموقف السيدة فيروز بأنها «تحب السيد نصر الله» عبر موقع «العهد» الالكتروني، فامتلأ الفضاء الإعلامي حتى اللحظة بعشرات المواد المهاجمة والمدافعة..

وإن كان الحدث لبنانياً داخلياً «فنياً» في شكله، إلا أنه يتجاوز قضية خلاف حول «دور المثقف» من القضايا السياسية الجارية وخاصةً بالحديث عن قامات كبيرة مثل السيدة فيروز وزياد الرحباني ، فالمياه السياسية اللبنانية الراكدة رغم التحولات الكبرى الجارية في المنطقة وفي العالم ككل، باتت تحتاج أي مدخل كان لتكسر ركودها واستعصاءها المستمر منذ ما بعد الطائف، ولعل شارة البداية للتحولات الداخلية اللبنانية هي الاصطفاف على أساس الموقف من فيروز وزياد، وضمناً الاصطفاف على أساس الموقف من المقاومة باعتبارها خياراً لبنانياً وطنياً، وليست خياراً طائفياً يمنح أصحابه ميزة ما ضمن لوحة التقاسم الطائفي اللبناني. وبكلام واضح، فإن إعادة اصطفاف واسع في الداخل اللبناني قد بدأت بحكم الظرف اللبناني المتأزم من جهة، وبحكم الواقع الإقليمي والدولي المستجد من جهة أخرى، وإثارة الصراع حول السيدة فيروز وزياد ليست إلا شارة البدء..
وفي الحديث عن رأي زياد وفيروز بحزب الله وبالسيد حسن نصر الله، فإن دعم زياد لحزب الله، إنما يعني وقوفه موقفاً وطنياً مباشراً في وجه الصف المعادي الذي لا يخجل بعمالته للصهاينة، أي أن موقف زياد ينطلق أساساً من قاعدة العداء المطلق لإسرائيل ومشاريعها. واستكمال الموقف بما يخص سورية وما يجري فيها، ينبغي رؤيته انطلاقاً من أن الرجل يبنى مواقفه على أساس عدائه للولايات المتحدة الأمريكية وعملائها المحليين، هذا الموقف تحديداً هو ما ينبغي النظر إليه لتقييم الرجل..
ولعل من اللافت في «الصراع» الإعلامي الجاري حول القضية رداءة مهاجمي زياد والعمالة المكشوفة والوقحة لجزء منهم، فسعة صدر هؤلاء «الليبرالية» ضاقت برأي السيدة فيروز وبرأي زياد من المقاومة، وألقوا جانباً كلّ ما يبتذلونه من كلامٍ «علماني» ناعم وحملوا أسلحة «التحليل الطائفي» القذرة.. وفي نهاية المطاف، وإن كان مزعجاً بالنسبة لأجيالٍ كاملة تناول السيدة فيروز بأية كلمة أو إشارة سيئة، وكذلك الأمر مع زياد الرحباني، إلا أن معركةً من هذا الطراز وبهذا الحجم الذي يتسع باطراد ربما تكون ضرورة من ضرورات الانتقال نهائياً من «عالم النخبة» القديم، عالم مثقفي السلطة، سواء أكانوا مثقفين وظيفيين لدى الأنظمة القائمة، أو مثقفين متسولين على عتبات الأنظمة المفترضة الجديدة المدعومة غربياً.. الانتقال نحو طراز جديد من المثقفين الحقيقيين الذين كان الرحابنة أحد أهم أمثلتهم..