نحن السوريين نعرف الله
نحن نعرف كيف نزرع قمحنا ونحصده ونطحنه ونخبز على التنور كي نطعم أطفالنا في حين يُسرق من صوامعنا وتباع ربطة الخبز بأكثر من 500 ل.س
نحن نعرف كيف نحفر آبارنا ونستخرج مياهنا المالحة لنستحم بها وننظف بيوتنا في حين تُفجر أنابيب المياه العذبة وتُقطع عن مدننا لشهور.
نحن نعرف كيف نشعل الحطب وندفئ بيوتنا بينما يُسرق ويُنهب نفطنا ويكرر بأساليب مؤذية لهوائنا وأرضنا ويباع بأبخس الأثمان لناهبي بلدنا أيضا.
نحن نعرف كيف نولّد نساءنا على ضوء الشموع وبالبرد القارس في حين يُمنعن من الوصول إلى مشافينا بسبب الاقتتال على الطرقات.
نحن نعرف كيف نعتني بكبارنا وأطفالنا ونؤمن لهم الطعام والدواء في حين تباع المواد الغذائية والأدوية بأسعار باهظة نتيجة الحصار الاقتصادي.
نحن نعرف كيف نشعل الشموع ونقرأ ونكتب على ضوئها ونعلم أطفالنا القراءة والكتابة ونعدهم بغد أفضل في حين تُفخخ المدارس والطرقات ويستشهد فيها الأطفال والمدنيون ويستمر انقطاع التيار الكهربائي لشهور وسنين.
نحن نعرف كيف نحافظ على تاريخنا وتراثنا ونتناقله شفاهاً لإيماننا أن الإنسان باقٍ مهما اشتدت وطأة الحروب، ولن يستطيع أحد أن يلغي تاريخ شعوب بأكملها وتراث إنسان عاش قدم التاريخ على هذه الأرض في حين تُنهب مناطقنا الأثرية ويتم تفجير ما تبقى منها لتمحى معالمها.
نحن نعرف كيف نمشي الكيلومترات كي نصل إلى عملنا في حين يستوقفنا مسلحٌ قادم من بلدٍ بعيد ليسألنا عن هويتنا السورية ويحاسبنا على انتمائنا وفكرنا.
«نحن السوريين نعرف الله!!».. فتاة سورية ترد على مسلح تونسي استوقفها على أحد الحواجز عندما كانت تقطع بلادها من الجنوب إلى الشمال، واستنكر ظهور خصلة من شعرها من تحت الحجاب الذي لم تلبسه إلا تحاشياً للأذى منه ومن أمثاله. كان يدعّي أنه يحاول هدايتها ولم يتسنّ لها الوقت لتشرح له كل هذا الكلام فأجابته ببساطة: «نحن السوريين نعرف الله».