أوباما و(الحقيبة الفارغة)

أوباما و(الحقيبة الفارغة)

لا يهم إن كانت محضَ صادفةٍ أو إحدى تلك الأفكار «الجهنمية» التي خرج بها فريق العلاقات العامة الخاص بالرئيس الأمريكي، بأن يتم توقيت زيارة أوباما الأولى إلى القارة الإفريقية– منذ عدة أشهر-  في حين يصارع مانديلا المرض، فالمحصلة أن الرئيسين الذين تشاركا لون البشرة فقط ..

قد يذكرهما التاريخ سويةً كما لو أنهما تقاسما الأمجاد وفراش المرض ذاته، بعد أن  انشغلت القنوات التلفزيونية بمعرفة ما إذا كان أوباما سيستطيع مقابلة الرئيس المريض، ثم بزيارته للزنزانة التي قضى فيها مانديلا سنوات سجنه، وإطلاله من ذات نافذة المكتب التي نظر منها مانديلا يوماً!
من الواضح أن أوباما لم يستطع حينها تأجيل الرقص على الأنغام الصاخبة للقارة الإفريقية في ظل حديث المراقبين السياسيين عن إتجاه صيني لاستثمار ثروات القارة ودخول أسواقها، وحاجة أوباما الملّحة لإعادة تلميع صورته في القارة التي خاب أملها بأول رئيس أمريكي ذي أصول افريقية.
ولأخبار أوباما على مواقع التواصل الاجتماعي «نكهة البروكلي» الذي أثار مرةً جدلاً سياسياً بعدما صرّح أوباما في أكثر من مناسبة أنه يحب تناوله ضمن مسعى لدعم جهود زوجته «ميشيل» المتعلقة بمحاربة البدانة، لتُشعل تلك التصريحات الهامشية حرباً عبر تويتر يُستعاد فيها العلاقة التاريخية للخضار مع رؤساء البيت الأبيض، وتحديداً جورج بوش الذي كان يكره تناوله ومنع تقديمه في الطائرة الرئاسية، ما أججّ صراعاً  جديداً بين الجمهوررين والديمقراطيين!
في المقابل لطالما داومت صفحة «البيت الأبيض» عبر الفيسبوك على عرض فيلمٍ رومانسيٍ اجتماعيٍ طويلٍ  يستأثر ببطولته أوباما وأفراد عائلته، بحيث تتعاقب صور أوباما «العاشق» لزوجته وهما يشاهدان الألعاب النارية احتفالاً بعيد الاستقلال الأمريكي، وتفرد مساحة أخرى لأوباما «الأب» الذي يحضن ابنتيه أو يسبح معهن ويلاعب كلبه، في حين تقتبس عنه بعض العبارات التي يفترض أن تكون مؤثّرة: «عندما سأحاول النظر إلى الوراء متأملاً حياتي، لن أفكّر بالتشريعات التي مررّتها أو السياسات التي روّجت لها، وإنما سأفكّر بميشيل والرحلة التي تشاركناها معاً، سأفكر في حفلات ساشا الراقصة ومباريات التنس لماليا، الأحاديث التي أجريناها، واللحظات الهادئة التي تشاركناها، سأتساءل إذا ما كنت محقاً معهن، وإن كنّ يعلمن كل يوم ، كم كنّ محبوبات».
يعجز أي فريق للعلاقات اليوم- مهما بلغت درجة حذقه ومهارته- عن إخفاء التخبطات التي تعاني منها السياسات الأمريكية عموماً، وأوباما بوصفه أبرز ممثليها. لا تستطيع أية «مساحيق تجميل» إصلاح صورته بعدما هدد بضربة عسكرية على سورية وإضطر للتراجع عنها تحت ثقل الواقع، أو فشل في حل قضايا المالية العالقة وأثبت بأنه «لا يستطيع» الوفاء بوعوده.   
كل ذلك يذكّر بقصة شهيرة في تاريخ العلاقات العامة الأمريكية، حينما ارتأى مستشار الرئيس الأمريكي «كارتر» أن يرى الجميع الرئيس وهو يحمل حقائبه بنفسه عند تنقلّه لتكشف صحيفة النيويورك تايمز فيما بعد بأن حقيبة الرئيس كانت فارغة ما يوحي بأن قصة «الحقيبة الفارغة» ليست مجرّد حادثة تاريخية طريفة وإنما نهجٌ ثابت في تاريخ العلاقات العامة الأمريكية