فيق يا «إعلامنا» فيق!
في الوقت الذي يشهد فيه المجتمع السوري حراكاً من نوع مختلف عن مشهد الانقسام الاجتماعي والسياسي الذي شهدته الحالة السورية منذ اندلاع الأزمة لا يزال الإعلام السوري يغرد بعيداً وكأنه في كوكب آخر. فأين هي المطارح الملحة التي يجب أن يتناولها الإعلام الوطني، خاصة «الرسمي» منه؟
وماذا يعني أيضاً أن تتفق اليوم شرائح اجتماعية سورية في موقفها الرافض ليس فقط للعدوان الخارجي بل لأي شكل من أشكال التدخل الخارجي، وقد كان كثير منها حتى الأمس القريب متخندقاً في ضفتين تبدوان في الظاهر متناقضتين ويستحيل تلاقيهما، بينما لا يزال الإعلام السوري مصراً على تقسيمات وهمية للناس من نوع «معارض - موال» حسب المفهوم الضيق للسلطة، أو من نوع «مع الوطن أو ضده» حيث يظهر من خلال هذا الشكل الفضفاض محتوى تللك المقولة المحددة سلفاً من قبل متشددي النظام «من ليس معنا فهو ضدنا» في الوقت الذي تشير فيه كل المؤشرات إلى أن السوريين على الأرض قد تجاوزوا فعلياً هذه التقسيمات الوهمية الهدّامة والتي تتلاقى على طول الخط مع تقسيمات الإعلام «الآخر».
وماذا يعني أن ينتشر الفيديو الشهير للشهيد مصطفى شدود في وسائل التواصل الاجتماعي سواء منها المحسوبة على «المعارضة» أو «الموالاة» بينما يتجاهله الإعلام الرسمي؟
ورغم كل الملاحظات المأخوذة على وسائل التواصل الاجتماعي لكنها تبدو في بعض المحطات قادرة على أن تعكس حقيقة ما يجري في بنية المجتمع السوري أكثر من الإعلام الرسمي.
إن الضرورة اليوم تقتضي أن ينتقل الإعلام وخاصة الرسمي منه، في مواجهة حملات العدوان والتدخل الخارجي، إلى مرحلة جديدة تعكس فعلاً مواقف السوريين الموحدة في رفضهم للتدخل بشؤون بلادهم، وفي اللحظة ذاتها توقهم إلى التغيير المنشود الذي سالت من أجله الدماء السورية الزكية، خاصة وأن كل المؤشرات تقول بأن الحل السياسي يدق الباب بقوة وبشكل متسارع.
أين استعدادات إعلامنا لمواجهة كل الاستحقاقات الوطنية المترتبة عن الحل السياسي القادم؟