بالزاوية : (فهلوة وشيطنة..  بس على مين؟)

بالزاوية : (فهلوة وشيطنة.. بس على مين؟)

هل تذكرون ذلك المثل الشعبي باللهجة العامية؟ فلان قادر وشاطر.. يسوق الهبل مع الشيطنة!

وإذا سلمنا بأن «الهبل» علة في العقل تلغي المنطق، وتسمح بإطلاق اللسان والسلوك بما هو غير طبيعي أو واقعي، وأن نظير هذه «الإعاقة» في مثلنا هي أفعال شيطانية شريرة، والتي لا يمكن أن تصدر عن كائن بشري، فمن أين تهبط «المقدرة والشطارة» على هذه الخلطة الجهنمية؟
انطلاقاً من الظروف التاريخية التي تهيمن فيها مفاهيم خرافية يرفضها العقل الاجتماعي لاحقاً، واقتراباً من مراحل الأزمات الكبرى التي تتزلزل فيها كل المفاهيم، يبدو أن المسألة ترتبط في جذورها الثقافية والاجتماعية بتصورات مطلقة، يتم تكريسها في الوعي الاجتماعي كي تحدد قوة وهيمنة الأفراد والتيارات الاجتماعية والسياسية، وحتى الدول والنظم أحياناً. وتفترض هذه التصورات وجود قدرات خارقة ودائمة لدى «البعض» تجعلهم قادرين على تجاوز قوانين المجتمع وربما الطبيعة!
يخرج هؤلاء منتصرين دائماً، ويدبرون الحاجات ولو من الصخر! ولكن هذه الصورة (البطولية) عن القوة والنجاح، تتغير كلياً وتنقلب الى أخرى كاركاتيرية ومضحكة في ظروف الأزمات الاجتماعية والسياسية العميقة التي تصيب جميع الأطراف في وقت واحد، ثم يعجز هؤلاء «الشطار» عن مواجهتها بالوسائل التقليدية، فتنكشف حينها الإمكانات الحقيقية وتسقط (الأسلحة السرية).
يتغير الواقع وتهبط قوى ومفاهيم لتصعد أخرى. وتفعل القوانين الموضوعية فعلها كما كانت على الدوام لكن بوضوح نادر هذه المرة! وتبلغ الصورة أقصى درجات السخرية والعبثية عندما يستمر البعض في إنكار التغيرات الكبرى، حتى فيما تراه عيونهم وما تسمعه آذانهم!
والحال اليوم أن جماعة (إنكار الواقع) ينكمشون ويتراجعون على مستوى العالم، وهم في مثال الأزمة السورية مأزومون أكثر من أي وقت مضى، يتكثفون ويتركزون في طرفي الأزمة المتشددين، «ينكرون» تراجعهم، ويبيعون الغذاء الفاسد نفسه للشعب! فيما تبحث جماهير الشعب السوري عن حلول أخرى مختلفة، لأنها ببساطة لم تعد تأكل من فهلوة أو شيطنة هؤلاء!!