عندما يُصلب وطن!

عندما يُصلب وطن!

في الشرق، شرق الحكمة والعقل، حيث كانت أسئلة الإنسان الأولى عن الطبيعة والوجود، تتعدد الثقافات وتتنوع، ضمن تصنيفات متعددة ولكن متكاملة،  وأياً كان المظهر الذي تتجلى به، مثالياً كان أم مادياً فإنها تشكل في النهاية نسق الثقافة الإنسانية الواحدة، ثقافة الخلاص وتحرير الإنسان وبالتالي تحقيق الشرط الإنساني..

وفي ظروف الأزمات التاريخية الكبرى، يتم استحضار هذا الحدث التاريخي أو ذاك، للإجابة على أسئلة الوضع الراهن، فيتم توظيف هذا الحدث في سياق الراهن، ضمن رؤية عصرية لتكون بذلك دليلاً جديداً على إبداعات الشعوب، وقدرتها على الجمع بين مكونات وعيها التاريخي، وحاجاتها الراهنة، الأمر الذي لمسناه في العديد من الأنشطة التي بادر إليها السوريون في مناطق متعددة خلال الأزمة الراهنة التي تمر بها بلدهم، 
وفي هذا السياق، كان تجربة مجموعة شبابية في القامشلي أقصى الشمال الشرقي السوري للاحتفال بعيد الصليب، حيث كان «تجمع شباب سورية الأم» قد أقام مهرجاناً بهذه المناسبة تحت عنوان «عندما يصلب وطن» قدمت فيه العديد من الفقرات الفنية، وكلمات سياسية تؤكد على وحدة مصير السوريين وضرورة الخروج من الأزمة، وفي كلمتها بهذه المناسبة قال «تجمع شباب سورية الأم»: «في ظل هذا الظرف الاستثنائي الذي يمر به الوطن، الوطن أيها الإخوة يصلب اليوم.. تدق المسامير في أطرافه.. يطلب من أبنائه ماء فيذيقونه ناراً..»
وجاء في كلمة التجمع « إن حرمة دماء أبنائنا وكنائسنا ومساجدنا وأوابدنا التاريخية ليست محلا للنقاش أو التفاوض، وإن الدعوات للتدخل الخارجي بذرائع مختلفة ليست سبيلا للحل، آخر هذه الذرائع استخدام السلاح الكيميائي الذي ندين استخدامه أياً كانت الجهة المسؤولة عن هذا الاستخدام، إن هذه المحاولات للتدخل إنما هي إمعان في تدمير هذا البلد وبنيته التحتية والعسكرية، كما أن الدعوات الطائفية والاعتداء على المقدسات والمدن التاريخية وآخرها الهجوم على معلولا ..فضلاً عن خطف وذبح رجال الدين ولا سيما المطرانين يوحنا ابراهيم وبولص اليازجي اللذين ما زال مصيرهم مجهولاً حتى الآن، إنما هي تجاوز لكل الخطوط الحمراء، وعلينا جميعاً أن نتحمل المسؤولية التاريخية لإدانة مثل هذه الأعمال وبذل الجهود لايقاف نزيف الدم السوري والخروج من هذه الأزمة التي طال أمدها، لنتطلع بعدها إلى بناء مستقبل سورية الذي نطمح إليه جميعا . دمتم ودامت سورية بألف خير»