زياد الرحباني مجدداً على خشبــة المسرح
إنّها لحظة استثنائيّة: الليلة يقف زياد الرحباني ممثلاً على الخشبة. لا في مسرحيّة من تأليفه واخراجه وبطولته، بل بإدارة لينا خوري، إلى جانب ممثلين بارزين، في «مجنون يحكي».
حدث نادر انتظرناه عشرين عاماً، تحديداً منذ «لولا فسحة الأمل» (١٩٩٤). طوال هذا الوقت كان الابن الشقي للمؤسسة الرحبانيّة يعدنا بـ «المسرحيّة الجديدة التي يعمل عليها». ثم يعدل عن فكرته، أو يتركها إلى أجل غير مسمّى. حان الوقت أخيراً. الجيل الذي لم يلتقِ زكريا («نزل السرور» ١٩٧٤، «بالنسبة لبكرا شو؟» ١٩٧٨) أو رشيد («فيلم أميركي طويل» ١٩٧٩) أو سواهما، سيتعرّف أخيراً إلى زياد ممثّلاً.
كلمة «كوميدي» لا تفي بالغرض، لتوصيف أسلوبه الذي يجمع بين الواقعيّة الفجّة، والشاعريّة واللامعقول، بين السخرية الهاذيّة والتمرّد السياسي والحسّ الشعبي. في هذا التماس المباشر مع الجمهور على المسرح، أو غير المباشر في الاذاعة («بعدنا طيّبين… قول الله» ١٩٧٦) والسينما (رندا الشهّال «طيّارة من ورق» ٢٠٠٣)، يكمن جزء حيوي من شخصيّة زياد الرحباني، ومن علاقته بالناس واللغة والواقع والسلطة، بالحكايات الصغيرة والأفكار الكبيرة. لا يشخّص الرحباني الابن بل يدخل في حالة ثانية. لا يقلّد الحياة بل ينتقل إلى حياة أخرى. لا يؤدّي شخصيّاته بل يعيشها، تاركاً معها مسافة في الوقت نفسه. لا يمثّل بل يرتجل، حتّى حين يكون النص واضحاً والتعليمات الاخراجيّة صارمة. ينهل من الفطرة ويلعب على البديهة.
سنشكر صاحبة «حكي نسوان» (٢٠٠6) لأنّها نجحت في استدراج زياد إلى المسرح، لتقديم عمل عن الجنون والقمع، مستوحى من البريطاني توم ستوبارد. سنشكرها ونسألهاكيف تمكّنت من ادارة «الابن الرهيب». أما الليلة فنكتفي بمتعتنا: لقد استعدنا الممثّل زياد الرحباني.
المصدر: الأخبار