عناكب كونية
قبل ميكيافيللي و«أميره» بآلاف السنين، اختبرت القبائل البدائية بعضاً من أسس الدعاية النفسية الشعبية التي لا تزال معتمدة حتى اليوم فـ«إذا ضيَّق أبناءُ القبيلة على الزعيم، روح الآلهة في فسح الأرض، سيكون خطر قبيلة قريبة أو بعيدة هو الدواء المفلح».
في 1886، شلّ الإضراب العمالي شيكاغو ومدناً أخرى، من أجل يوم عمل من ثماني ساعات، ومن أجل الحق بالتنظيم النقابي.
وبعيدة جداً تلك «القبيلة» التي استخدمتها السلطات الأمريكية: في ذروة الإضراب، ودون أية شبهة مزاح، شخّصت جريدة «فيلادلفيا تريبيون» الحالة: «إن العنصر العمالي الذي يضرب عن العمل قد لدغه نوعٌ من العناكب الكونية، وصار مجنوناً تماماً».
في العام التالي، لم تحتمل أمريكا انتصار العمال، فاقتادت النقابيين الأربعة: جورج إينغل، وأدولف فيشر، وألبرت بارسونز، وأوغست سبيس، إلى حبل المشنقة، أما المحكوم الخامس ففجر رأسه في زنزانته.
في مطلع كل أيار يتذكرهم العالم بأسره. وفي مطلع كل غضب، لا تزال تتوالى «التفسيرات الكونية» الرسمية لهذا الغضب.