مسرحية «زيتون».... وصراع على «التقسيم» و«إعادة الإعمار»!
يشهد مسرح الحمراء عند الساعة 6 مساء كل يوم استمرار مسرحية « زيتون» التي بدأت اعتبارا من 12\2 للكاتب طارق مصطفى عدوان، والمخرج مأمون خطيب، ويشارك في التمثيل: غسان الدبس، مازن عباس، وئام الخوص، ابراهيم عيسى، ميريانا معلولي، رنا جمول.
تدور المسرحية حول عائلة سورية عادية، تضم مجداً وخطيبته صبا والأختين التوأمين عليا وأمل إضافةً إلى أخيهم السكير حسان، حيث تظهر الفنانة رنا جمول بدور (عليا )، وهي شخصية تدعي الوطنية وتتحدث عن حبها الشديد للوطن كما ترتبط بعلاقات جيدة مع المسؤولين، لكنها تحمل أفكاراً معاكسةً في داخلها، فهي تريد بيع حصتها من البيت والمزرعة، لتلحق بزوجها وابنها اللذين غادرا البلد منذ فترة، يجتمع الأخوة للاحتفال بعيد ميلاد عليا وأمل التوأمين في بيت العائلة القديم، حيث يوجد قبرا الوالدين تحت ظلال الزيتون، وتستمر المسرحية بهدوء إلى أن يظهر جارهم عصام القادم من السويد، والذي يرغب بشراء ممتلكات العائلة لإقامة مشاريع وطنية في مرحلة إعادة الإعمار، وهنا يتفاجأ مجد وصبا وأمل بقرار البيع باستثناء عليا وحسان اللذين كانا على علم مسبق، ويظهر خلاف حاد بين عليا وحسان اللذين يريدان البيع وأمل ومجد اللذين يتمسكان بالأرض، فرغم تشتت أفكار مجد في البداية لكن صبا ربطت حبها له بحبه للأرض فوقف إلى جانب أمل في النهاية.
تتحدث الفنانة رنا جمول ل(قاسيون)عن مسرحية الزيتون ودور (عليا) فيها «المسرحية قدمت مجموعةً من الأفكار، كل شخص يفهمها بطريقته، فهناك أناس تريد أن تبيع بيتها أو أرضها، وأناس تريد أن تحافظ على البلد، وهي تحتوي على مجموعة من التناقضات الموجودة في المجتمع السوري، أما الدور الذي قدمته، هو شخصية وطنية، لكنها تريد أن تسافر إذا سنحت الفرصة، والشخصية المتناقضة تمثل أناساً متناقضين في المجتمع يدعون شيئاً وهم في الحقيقة شيء أخر تماماً، أنا ك (رنا) ضد هكذا شخصيات في الحقيقة لكنها موجودة في المجتمع ونحن نقوم بتمثيلها «
وخلال ردها على سؤال حول دور (صبا) وهدف المسرحية؟ تقول الممثلة ميريانا معلولي: «صبا لها رمزية كبيرة كونها حولت الحب إلى قوة تجعلنا نتعلق بالأشخاص ونثبت بمكاننا ونصبح أقوياء، المسرحية واقعية لدرجة لكن بطريقة مسرحية تناولت التحول الذي حدث في حياتنا، واستسهال البيع ليس المادي فقط بل بيع كل شيء، فقد أبيع أخي بلحظة لكي يصبح لدي ملك أو أصل إلى مكان معين، كان هدف المسرحية هو تسليط الضوء على سؤال لماذا وصلنا إلى هنا في الأزمة؟ ما الذي تغير وإلى أين سنصل؟؟ لماذا قبلنا بالتحول الذي هو ليس تحولاً إيجابياً، أما الفكرة السامية التي قدمتها المسرحية فهي عدم القبول بالبيع، ونحن في المسرحية لم نقبلها حيث صبا أثرت على مجد في محطة وأمل أثرت في رأيها، ورفضنا فكرة البيع، أنا عملت في مسرحيات أخرى لكن هذه سلط عليها الضوء بشكل أكبر»
يشرح المخرج مأمون خطيب الرسالة السامية للمسرحية حيث يقول: أن « الرسالة السامية للمسرحية هي: ممنوع التفريط بالأرض مهما حدث، وخاصةً في سورية من خلال رمز الزيتون، نحن لسنا ضد الخيارات الشخصية، لكننا نهتم بالخيارات الوطنية، إذ أن التقسيم ممنوع والتفريط بالأرض ممنوع، لأن الزيتون هو رمز للبلد لذلك يمنع بيعه،أما اسم زيتون فهو اشتق من دلالة الزيتون وتعمق جذوره في الأرض ولقداسته ورمزيته، ولقدمه في المنطقة، والزيتون يرمز إلى السلام»
وعند سؤاله عن علاقة الفن خاصةً المسرح بالحرب، وما هو دوره خلال الأزمات، يجيب المخرج خطيب «المسرح وسيلة تنويرية من أهم الوسائل خاصةً في أوقات الحروب، ففي أوقات الحروب تكثر الآلام والمواضيع الإنسانية والأزمات ويجب أن نتحدث عنها، فأنا ضد الابتعاد عن الطرح الفني خلال الحرب،ومراقبته ثم التحدث عنه لاحقاً، ونحن في المسرح لا نكرر الأفكار، ففي مسرحية (نبض) تحدثنا عن فكرة ألم سورية بفقدان أبنائها، في حين تحدثنا في مسرحية (هدنة) عن فقدان حلم الشباب، أما في (زيتون) تحدثنا عن فكرة ممنوع بيع الوطن، ودور المسرح يجب أن يتجسد بشكل أوضح في هذه الأوقات لأنه وسيلة من وسائل الدفاع عن النفس وعن البلد، وسائل الثقافة كلها مهمة ما قبل الحرب لكنها تتجلى أكثر خلال الحرب والمسرح هو انعكاس لحياة البشر، في أوقات الأزمات ففي هذه الأوقات وجد أهم الكتاب مثل سعد الله ونوس، والماغوط إلى حنا مينة هؤلاء كلهم ولدوا في الأوقات العصيبة»
يطالب المخرج خطيب بمزيد من الدعم للمسرح لأهميته حيث يقول: «أومن بأن العمل في الحروب هو إثبات وجود وطرح أفكار ووثيقة من الوثائق التي ستبقى فيما بعد، لكن المسرح بحاجة لدعم كبير معنوي ومادي والاهتمام به من الجوانب جميعها، وبسبب غياب الدعم أصبح العاملون والممثلون في المسرح قليلين جداً»
يشرح الممثل مازن عباس شخصية (عصام) وماذا تمثل فيقول: «نحن نعاني من مدعي الوطنية حيث أن الوطني الشريف لا يوزع أفكاره الوطنية، فهذه الشريحة الكاذبة تستغل البلد بشعارات وطنية، ولكل عمل جهد لكن حسب بناء الشخصية هي شخصية وحيدة الاتجاه ليس لديها كم كبير من المشاعر أو المساحة فهي لديها مهمة وحيدة وهي تغيير اتجاه الأحداث والإضاءة على شريحة الناس الذين يستغلون ظروف البلد ليتقاسموا الكعكة ويأكلوها «أبدى العديد من الأشخاص الذين التقيناهم اهتماماً بالمسرحية، حيث يرى مهند إبراهيم: «نحن بحاجة لعودة المسرح بشكل كبير، موضوع بيع الأرض أو الوطن أو التمسك هو وجع الكل حقيقة، ففكرة المسرحية تستمد تأثيرها من الواقع الذي نعيشه بالدرجة الأولى، يمكن القول أنها مست وتراً من الحياة»
كما عبرت ديالى حلاق عن إعجابها بطريقة طرح الواقع على خشبة المسرح، حيث قالت: «الفكرة الأساسية التي ترسخت بدماغي هي رفض فكرة السفر، وأنا مع طرح الواقع على المسرح فهو ما نعيشه، وهو أفضل من أن نختبئ خلف إصبعنا»