«بوشكين».. أمير شعراء روسيا
«وســأظل طويلاً عزيزاً على شعبي..
لأنني قد أيقظت بقيثارتي مشاعر طيبة
ولأنني باركت الحرية في زمني القاسي
ودعوت بالعطف على الســاقطين»
تمر في 10 شباط ذكرى رحيل الشاعر والكاتب العظيم ألكسندر بوشكين، وتحيي روسيا هذا الأسبوع ذكراه في تظاهرة ثقافية، حيث تجري مراسيم تقليدية لإحياء ذكرى بوشكين بعد مرور 180 عاماً على وفاته بجميع أنحاء البلاد وخارجها،، ويعتبر هذا اليوم يوم اللغة الروسية.
ولد بوشكين بمدينة موسكو في 6 حزيران عام 1799. نشأ في أسرة نبلاء، أسرة مثقفة مما مكنه من قول الشعر ونشره وهو ابن الخامسة عشرة. تأثر بوشكين بحركة التحرر في روسيا وكان لديه ميلاً واضحاً الى التحرر والشك في كل المسلمات الاجتماعية، غيران وفاته المبكرة مقتولاً في إحدى المبارزات عام 1937 م أنهت حياة هذا الشاعر والروائي والمسرحي الكبير، نهاية مفجعة وجهت للأدب الروسي خسارة فادحة.
درس بوشكين بين الأعوام 1811-1817 في مدرسة متخصصة في ضواحي بطرسبورغ. أثرت سنوات دراسته في تعزيز نزعته الأدبية والسياسية، وكتب العديد من القصائد الشعرية في أثناء دراسته. وبعد تخرجه من المدرسة أُسندت إليه وظيفة في وزارة الخارجية الروسية، وكان في تلك الفترة يرتاد أندية وجمعيات مدينة بطرسبورغ الأدبية والعلمية.
كانت أفكار بوشكين تعبر عن أراء الشباب النبلاء الذين كانوا ينادون بإحداث تغييرات سياسية في روسيا، كما إن أعماله تعكس مشاعر وأفكار جيله، وبسبب إحدى قصائده السياسية تم نفي بوشكين إلى جنوب روسيا. وكانت تلك المرة الاولى التي ينفى فيها لكنها لم تكن الأخيرة، فقد تعرض بوشكين الى مضايقات من قبل السلطات القيصرية، ولكن القيصر وبالرغم من خلافاته السياسية مع بوشكين، كان معجبا بإبداعه.
ولكن بوشكين استمر بانتقاد القيصر وسياسته، مما دفع القيصر الى نفيه الى أماكن عديدة من روسيا. خلال رحلته الى منفاه تعرف بوشكين على ثقافة وتاريخ القوقاز، وكرس له الكثير من أشعاره مثل قصيدة «الأسير القوقازي»، و«الأخوة الأشرار». وأصبحت روايته الشعرية «يفغيني أونيغين» موسوعة تصف الحياة في عصره.
تميزت كتابات بوشكين بتنوعها ابتداء من قصص الأطفال وانتهاء بالروايات التاريخية. وتميزه في صياغة روائعه الفنية، جعلت منه مؤسس اللغة الروسية والأدب الروسي الحديث. فدراسة هذا الشاعر تغني في معرفة الأدب الروسي عموماً، وتساعد في معرفة الحوادث التاريخية التي عاصرها والتي وقعت في النصف الأول من القرن التاسع عشر. وقد سميت فترة إنتاجه بالعصر الذهبي للشعر الروسي، وقد حصل فيه التقارب بين الأدب الروسي من جهة والآداب العربية والشرقية من جهة أخرى.
ويعد بوشكين واحداً من أشهر المبدعين العالميين الذين اهتموا بالآداب الشرقية ولاسيما الأدب العربي والتراث الإسلامي، وتدل بعض أعماله و(قبسات من القرآن) و(الرسول) و(ليلى العربية) و(محاكاة العربي)، على دراسته لجوانب كثيرة في هذا التراث.
لم يعش بوشكين أكثر من 36 عاماً إلا أنه ترك تراثاً أدبياً كبيراً حتى ظن الكثير من قرائه غير المطلعين على سيرة حياته أنه عاش لفترة طويلة. ومازال بوشكين حيا في قصائده الخالدة التي ما زالت وحتى الآن تترجم إلى الكثير من لغات العالم.
في 10 شباط سنة 1837 جرت في بطرسبورغ مبارزة مأسوية أسفرت عن وفاة الكسندر بوشكين شاعر روسيا العظيم في الشقة التي كان يسكن فيها بمدينة بطرسبورغ. ومنذ ذلك الحين يشير هذا التاريخ إلى ذكرى رحيل الشاعر العظيم. ووفقًا للتقاليد سيتذكّر الناس نابغة روسيا في البلاد كلها، وخصوصاً في الأماكن التي اقام وعمل فيها، وفي موسكو، مسقط رأس الشاعر.