«العراب»: الوجه «الإنساني» للمافيا
انتشرت سلسلة أفلام العراب في الولايات المتحدة، وأصبحت تلك الأفلام نوعاً من الأيقونة الفلمية، نظراً لما استطاعت إحرازه على المستوى الفني والتقني من اختراقات كبيرة، وأصبح «العراب» بكل أجزائه الفلم المفضل لجيل كامل من الشباب الذين كانوا محقين في تقدير قيمته الفنية العالية.
يعالج المحتوى الاجتماعي للفيلم الحياة اليومية ومسيرة حياة المافيات في الولايات المتحدة ويقدم الوجه «الإنساني» لهذه المافيات التي هي الخلاصة المباشرة لرأس المال المالي الإجرامي بشكله البسيط.
إن المهمة التي قامت بها هذه الأفلام على مستوى الوعي الاجتماعي تبدو من البساطة والمباشرة لدرجة أن كثيرين انساقوا وراءها فليس هناك رسائل مبطنة وخفية، إنها رسالة مباشرة لتلميع صورة هذه التعبيرات الفاشية الإجرامية.
ومع تعقد تركيبات الرأسمالية في المنطقة العربية وازدياد نفوذ رأس المال المالي واقتراب موعد ازدياد نفوذ قواه الفاشية، ظهر في الدراما العربية مسلسلان تلفزيونيان متزامنان تقريباً بمعالجات درامية متقاربة، يعالجان القضية نفسها (بل وبحملان اسم «العراب» نفسه) وهي تقديم الوجه « الإنساني» لرأس المال المالي الإجرامي، بنسخة عربية تكاد تطابق النسخة الأمريكية، لكنها وبلغتها العربية وبشخوص ممثليها المحبوبين تقوم بالدور نفسه محلياً، وتلقى إقبالاً جماهيرياً.
لكن السؤال الذي يبقى: هل استطاعت هذه الأعمال وغيرها من الأعمال المشابهة -التي عرضت في فسحة زمنية متقاربة- أن تلعب دوراً في إضفاء الوجه «الإنساني» على «داعش» وأشباهها بطريقة غير مباشرة وإرساء ذلك في الوعي الاجتماعي؟.