لكم ما لكم.. ولنا ما لنا!

لكم ما لكم.. ولنا ما لنا!

ليس على الشاشة سوى صور الدم، وأخبار الحروب.. مجزرة... قصف... تدمير.. نزوح.. يستعرض شريط الذاكرة المتعبة يستحضر أسماء أصدقاء وأتراب، وإذا بهذا تائهاً في عواصم اللجوء، وذاك استشهد، وآخر معتقل.

يحاول الاتصال مع قريب أو صديق لعله يستحضر شيئاً آخر غير الأخبار السوداء،  لكن الشبكة اللعينة هي الأخرى باتت خرساء في الحرب، يمضي إلى عمله صباحاً يستعرض الوجوه و على كل وجه حكاية عن مخطوف أو شهيد أو مهاجر أو... الخيارات تبدو ضيقة، كل الأبواب تبدو مغلقة...؟!!

ستنتهي هذه اللعنة يقول ضاحكاً في سره، الأغبياء وحدهم يظنون أنهم قادرون على اللعب بمسار التاريخ، الحمقى وحدهم يحاولون ذلك..

لنا ما لنا ولكم ما لكم، لكم أسلحتكم واستراتيجياتكم، وخرائطكم ولنا هذه الأرض، جغرافيا وبشراً وحجراً.. لكم تحليلاتكم، ولنا حكمة البحر في مده وجزره، لنا ما يقوله العاصي وبردى والفرات ولنا الياسمين و الزيتون والسنديان والدوالي وسنبلة القمح وحكايا الجدات.. لنا صوت فيروز ولكم الدويّ.

ما بين التفاؤل والتشاؤم يبرز دور العقل، دور أداة التحليل المعتمدة  في قراءة الواقع، دور تجارب الشعوب والدول الأخرى ومدى الإطلاع عليها لتؤكد كلها أنه لا توجد مشكلة دون حل، وأن الخيارات الصحيحة لا تنعدم في أية قضية أو مأزق..

بعيداً عن بيع الأوهام، بعيداً عن الرومانسية، نستطيع القول: إن المواطن السوري الذي امتحن خلال هذه السنوات العجاف، ورغم كل السم الذي تدسه وسائل الاعلام، ورغم كل الأسى والآلام والوقائع التي تبكي حتى الحجر، لم ينجر إلى المحظور كما كان يريد من يحاول العبث بحقائق التاريخ والجغرافيا ووحدة المصير، وبقي السوريون على العموم يفكرون بالاتجاه الصحيح، باتجاه إنقاذ ما تبقى من حاضر بلادهم، باتجاه الاستمرار في الجوانب المضيئة من تاريخهم القديم والحديث.. الإشارات، والأخبار التي تأتي من مختلف مناطق البلاد تؤكد على مستوى الوعي الوطني، والعمق الحضاري والقدرة على التعامل مع الأزمات، وعدم الانجرار وراء تجار الأزمة والمستثمرين في عذاباته،