أمريكا: ثروة أكبر وأيضاً فقراء أكثر!
ريك باوم ريك باوم

أمريكا: ثروة أكبر وأيضاً فقراء أكثر!

مقارنة بالماضي القريب، فإن كوفيد-19 لا يقتل عدداً كبيراً من الناس. من ناحية أخرى، لا يزال فيروس التفاوت في الثروة في الولايات المتحدة يزداد ضراوة، وكما هو واضح في انتشار الفقر وانعدام الأمن الغذائي والتشرد، وغير ذلك من العلل الاجتماعية. بمرور الوقت، شهد فيروس عدم المساواة في الثروة، صعوداً وهبوطاً في الأضرار التي يسببها. تُظهر الأرقام المتعلقة بتوزيع الثروة الأسرية التي قدمها مجلس الاحتياطي الفيدرالي أنه عندما يتعافى فيروس عدم المساواة في الثروة بعد الانكماش، فإنه يُنتج عموماً مستويات جديدة من عدم المساواة.

ترجمة: قاسيون

باستخدام أرقام مجلس الاحتياطي الفيدرالي، من الربع الثالث من عام 1989 إلى الربع الرابع من عام 2023، نمت الممتلكات الاسمية للأثرياء بسرعة أكبر من تلك التي يملكها أفقر 50% «أكثر من 11 ضعف لأغنى 0.1%، وأكثر من 9 أضعاف لأغنى 1%»، في حين زاد فقر أفقر 50% أكثر بقليل من 5 أضعاف، وأفقر 90% أعلى بقليل من 6 أضعاف.
خلال هذه الفترة نفسها، عندما زادت الثروة الاسمية لأفقر 50% من السكان من 0.71 تريليون دولار إلى 3.61 تريليون دولار، ارتفع نمو الفارق في الثروة الاسمية بين أغنى 1% مع أفقر 50% من السكان من 3.95 تريليون دولار إلى 40.91 تريليون دولار.
يمكن أن يُعزى نمو ثروة أفقر 90% من السكان في الفترة من 2017 إلى 2023 إلى حد كبير إلى زيادة قيمة المساكن لأولئك الذين يمتلكون منازلهم، وهو جزء من الثروة يستخدم لسد حاجة أساسية. كما أنها تشكل جزءاً أكبر بكثير من ثرواتهم مقارنة بالأثرياء، الذين لا يتم استخدام معظم ثروتهم/دخلهم لدفع تكاليف الاحتياجات الأساسية مثل: السكن.
منذ عام 1989 وحتى نهاية عام 2022، ارتفعت الحصة من دخل الدولة التي تذهب إلى أولئك الذين يحققون أكبر قدر من الدخل، والذين هم في أعلى 5٪، من 18.9٪ إلى 23.5٪، في حين أنّ حصة أدنى 60٪ انخفضت من 29.1% إلى 25.2%، ومعظم هؤلاء من أعضاء الطبقة العاملة الذين يمارسون عملاً.
خلال هذه الفترة نفسها، انخفضت حصة دخل الدولة المخصصة لأولئك الذين يشكلون أدنى 20% من السكان من 3.8% إلى 3% في عام 2022، ارتفع متوسط ​​دخل هؤلاء بمقدار 1060 دولار فقط على مدى 30 عاماً «من 15060 دولار إلى 16120 دولار». بينما على النقيض من ذلك، ارتفع متوسط ​​دخل أولئك الذين ينتمون إلى أعلى 5% خلال الفترة ذاتها «1989-2022» بمقدار 202300 دولار «من 297600 دولار إلى 499900 دولار».

ناشرو فيروس عدم المساواة الأكبر

السبب الرئيسي لانتشار فيروس عدم المساواة في الثروة هو عمل الرأسمالية، أو ما يسميه البعض نظام السوق الحرة لدينا. المستفيدون الرئيسيون من هذا النظام هم الأثرياء الفاحشون. في نهاية عام 2023، وفقاً لمؤشر بلومبرج للمليارديرات، كانت ثروة أغنى 25 مواطناً أمريكياً مجتمعة تبلغ 2026 مليار دولار، وهو ما يمثل أكثر من 1.38٪ من إجمالي ثروة حوالي 330 مليون مواطن أمريكي.
واعتباراً من مايو 2024، أظهر مؤشر بلومبرج للمليارديرات أن ثروات أغنى 25 مواطناً أمريكياً، وحدهم، زادت منذ بداية العام 390 مليار دولار لتصل إلى 2416 مليار دولار، بزيادة أكثر من 19%، وذلك على الرغم من تراجع ثروة أحد أفرادهم البارزين: إيلون ماسك، بمقدار 38 مليار دولار. وفي حين جمع البعض ثروات مفرطة، فإن العديد من أولئك الذين يعيشون في الولايات المتحدة يعانون من صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم الأساسية.
منذ عام 1989، لم ينخفض ​​عدد الأشخاص الذين تعتبرهم الحكومة أنهم يعيشون في فقر عن 31 مليوناً، بل ازداد إلى 46.6 مليوناً. وفي عام 2022، وهو العام الأخير الذي تمّ فيه الإحصاء، صُنّف 37.9 مليون شخص على أنهم يعيشون في فقر، وهو ما يمثل 11.5٪ من سكان الولايات المتحدة. في عام 2022، شمل أولئك الذين يعيشون في الفقر 15% من جميع الأطفال دون سن 18 عاماً، و1.9% من السكان الذين يعملون بدوام كامل طوال العام.
من المهم، أن نعلم أنّ المعايير التي تضعها الحكومة لتحديد من يعيش في فقر هي معايير مثيرة للسخرية. لكي يتم تصنيف شخصٍ على أنّه يعيش في فقر في عام 2022، يجب أن يكون دخل الشخص الواحد الذي يقل عمره عن 65 عاماً أقل من 15,225 دولاراً. في بعض المدن، قد لا يغطي هذا المبلغ حتى تكاليف السكن اللائق. بالنسبة لأسرة مكونة من شخصين بالغين وطفلين، كانت النقطة الفاصلة بالنسبة لهم الذين يعيشون في فقر هي الحصول على دخل أقل من 29678 دولار
منذ عام 2007 وحتى عام 2016، انخفض التقدير الوطني للحكومة لعدد الأشخاص الذين يعانون من التشرد من 647,258 إلى 549,928. ومنذ ذلك الحين، ارتفع العدد كل عام ليصل إلى 653,104 في عام 2023 وهو «أكبر عدد من الأشخاص الذين تم الإبلاغ عن تعرضهم للتشرد في ليلة واحدة منذ بدء الإبلاغ في عام 2007». من بين أولئك الذين كانوا بلا مأوى، كان 111,620 طفلاً تحت سن 18 عاماً، وكان 10,548 منهم بلا مأوى مطلقاً.
أمّا بالنسبة للجوع، فيما يلي كيفية وصف الإحصاءات والرسوم البيانية الرئيسية لوزارة الزراعة الأمريكية للأسر التي يعاني أفرادها من انعدام الأمن الغذائي: «في بعض الأحيان خلال العام، كانت هذه الأسر غير متأكدة من حصولها أو عدم قدرتها على الحصول على ما يكفي من الغذاء لتلبية احتياجات جميع أفرادها، لأنه لم يكن لديها ما يكفي من المال أو الموارد الأخرى للغذاء».
وتشمل النتائج التي توصلوا إليها ما يلي: «- يعيش 44.2 مليون شخص في أُسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي. - 12.8٪ «17 مليون» أسرة أمريكية كانت تعاني من انعدام الأمن الغذائي في وقت ما خلال عام 2022. - يعيش 7.3 مليون طفل في أسر تعاني من انعدام الأمن الغذائي، حيث يعاني الأطفال والبالغين من انعدام الأمن الغذائي. - كان معدل انتشار انعدام الأمن الغذائي في عام 2022 أعلى بشكل ملحوظ إحصائياً من عام 2021، حيث كان 10.2٪ «13.5 مليون».
أليس وجود هذا العدد الكبير من الفقراء والمشردين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في مثل هذا البلد الغني مؤشراً على مجتمع مريض للغاية؟ ربّما تبدأ الانتفاضات العمالية الأخيرة، إذا استمرت ونجحت، في عكس اتجاه زيادة عدم المساواة في الثروة، خاصة إذا تمكنت من التغلب على المقاومة المتزايدة من الرأسماليين وأتباعهم. سيتطلب تخليصنا من فيروس عدم المساواة إجراء تغييرات كبيرة تشمل سياسات المصادرة والاستيلاء على جزء كبير من ثروات الأثرياء، واستخدامها لصالح الجميع.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1178