الركود التضخمي والصراع الطبقي: حقبة جديدة للرأسمالية
روب سيول روب سيول

الركود التضخمي والصراع الطبقي: حقبة جديدة للرأسمالية

الاقتصاد العالمي مزعزع بالمشاكل، مضروب من قبل عواصف الحرب والوباء والحمائية، الأمر الذي سمح لنسيج التضخم والركود المتجذر في الرأسمالية أن يصعد إلى السطح. بقيت أسعار الأسهم تنخفض لأسابيع، حيث يسيطر الخوف على الأسواق، ويتفشى التضخم، والتهديد بحدوث ركود جديد.

ترجمة: قاسيون

يعيش مؤشر FTSE لأكبر ١٠٠ شركة تتاجر في الأسهم في بورصة لندن، أطول سلسلة خسائر منذ منتصف عام ٢٠٠٨، عندما أدّت أزمة الرهون العقارية- عالية المخاطر- إلى انهيار بنك ليمان براذرز. تعكس هذه التقلبات الهائلة التشاؤم الذي يطارد النخب الحاكمة حول العالم في أسواق الأسهم العالمية. إن أخذنا كلمات ملياردير الاستثمار وارن بوفيه: «لسنا بعيدين كثيراً عن شيء يشبه إعادة ٢٠٠٨، أو ربّما أسوأ».
يقول لوكا بوليني، كبير الاستراتيجيين في شركة إدارة الأصول بيكتيت: «تنهار الأسواق ليس بسبب رفع معدلات الفائدة فقط، فخطر الركود في الاقتصادات الكبرى هائل. فالواقع أنّ قطعة كبيرة من الاقتصاد العالمي تتقلّص».

تبخّر «النشوة»

يبدو أنّ النشوة التي سادت بين النخب الحاكمة في العام الماضي بشأن التعافي الاقتصادي التالي للوباء قد تبخرت بشكل تام. بعد التغلب على أزمة واحدة على ما يبدو، ظهرت أزمة أخرى مكانها بسرعة، الأمر الذي أثار حالة من الذعر في مجالس إدارة الشركات.
كما نشرت الفايننشال تايمز، وهي الناطقة الأمينة باسم رأس المال البريطاني: «العام الماضي كان الكثير من الاقتصاديين يتوقعون أن يكون ٢٠٢٢ فترة تعافٍ اقتصادي قوي. كان يُفترض بالأعمال أن تعود إلى العمل بشكل كامل بعد الوباء. كان يفتض بالمستهلكين أن يبعثروا مدخراتهم المتراكمة على جميع العطلات والأنشطة التي لم يكونوا قادرين على القيام بها أثناء الوباء. كان الأمر ليكون أشبه [بصخب العشرينيات] وفقاً للبعض، في إشارة إلى عقد الاستهلاك الذي تلا إنفلونزا ١٩١٨-١٩٢١».
كانت النخب تعلّق آمالها على أنّ مثل هذه القفزة ستفتح حقبة جديدة من النمو والازدهار. لكن في فترة زمنية قصيرة، تحوّلت آمالهم ووجهات نظرهم إلى ركام. فبدلاً من صخب العشرينيات، تواجه الرأسمالية اليوم ركوداً عالمياً جديداً.
تدخل الرأسمالية اليوم حقبة جديدة، أو كما قال كيسنجر: حقبة من الأزمة المتعمقة، حيث تنقلب الأعراف القائمة رأساً على عقب، ويصبح المنطقي لا منطقي. إنّ الأزمة الحالية للرأسمالية التي ظنوا بأنّهم احتووها، تظهر على السطح بشكل انتقامي.
وكما عبّرت الفايننشال تايمز مؤخراً: «هذا الأسبوع، تغيرت موسيقى المزاج الاقتصادي إلى مفتاح ثانوي أكثر قلقاً، حيث تردد صدى الصدمات الأخيرة التي تعرضت لها اقتصادات العالم المتقدم لفترة أطول وأعلى مما كان متوقعاً. بغض النظر عمّا كنت تعتقده بشأن الاقتصاد قبل أسبوع، يجب أن تكون قلقًا أكثر قليلاً مما كنت عليه».

التضخم/ ركود قدماً

على عجالة، يتمّ تخفيض التوقعات الاقتصادية. يتوقع الكثيرون الآن أن يبلغ معدل النمو الاقتصادي العالمي فقط ٣,٣٪ هذا العام، في انخفاض عن التوقّع بأن يكون ٤,١٪ بداية العام.
التضخم الذي اعتُبر منذ فترة طويلة ميتاً، رفع رأسه القبيح مرة أخرى بسبب تأثير خفض قيمة العملات، ورفع التكاليف، وخفض مستويات المعيشة. من المتوقع أن يصل التضخم العالمي اليوم إلى ٦,٢٪، أي أعلى بنسبة ٢,٢٥٪ ممّا كان متوقعاً في بداية العام.
وصل التضخم في الولايات المتحدة إلى عتبة ٨,٢٪ في نيسان، ومن المتوقع أن يرتفع أكثر. في الوقت ذاته، انكمش الاقتصاد الأمريكي في الربع الأول بالرغم من التوقعات السابقة المعاكسة.
تواجه الكثير من الاقتصادات اليوم خطر التضخم/ الركود Stagflation وقد تكون موجة التضخم المصاحب للركود هذه عالمية، وفقاً لتوقعات خبراء المؤسسات الرأسمالية. هذا انعكاس للمزيد من الاندماج بين الأسواق العالمية، وخاصة في الثلاثين عاماً الماضية. باتت الدول جميعها مترابطة اقتصادياً مع بعضها البعض كما لم يحدث سابقاً، ما يظهر خطر العدوى السريعة. هذا هو المعنى الحقيقي للعولمة.

امتطاء النمر

يأمل حاكمو البنوك المركزية بشدة أن تستقر الأمور، لكنّ توقعاتهم كما هي العادة مفرطة في التفاؤل. فقد قالوا من قبل بأنّ التضخم لن يكون سوى مؤقتاً وانتقالياً. أعمتهم أقوال منظريهم– سواء الكينزيين أو غيرهم– عن الوضع الحرج الذي يواجه الرأسمالية. لكنّهم اليوم عالقون بين «الشيطان والبحر العميق»، أو بشكل أدق: بين تناقضات الرأسمالية.
لسنوات كانت الرأسمالية غارقة في السيولة، الأمر الذي أبقى النظام طافياً بشكل مصطنع. من عام ٢٠٠٨ فصاعداً، ضخت الطبقة الحاكمة أموالاً زهيدة الثمن في الاقتصاد، مبقية معدلات الفائدة في مستويات منخفضة قياسياً من أجل تفادي وقوع كساد آخر.
وفي الوقت الذي حققوا فيه هدفهم المباشر، أدمن النظام الرأسمالي على هذه المحفزات. نحن اليوم نشهد العواقب، مع إجبار الطبقة الحاكمة على أن تأخذ إجراءات متأخرة لتثبيط النشاط الاقتصادي وعكس سياسات العقد الماضي.
بشكل اعتيادي، كان هذا الإفراط في السيولة ليقود إلى التضخم منذ مدة طويلة، لكن تمّ إبقاؤه تحت المراقبة من خلال حالة كساد الاقتصاد العالمي. لكلّ شيء حدود، وقد أدّى انتهاء الإغلاق بعد الوباء، والذي تلاه تتابع الحرب في أوكرانيا، إلى تسريع وإيقاد التضخم.
تحاول الطبقة الحاكمة يائسة أن تعيد «الحياة الطبيعية»، من خلال كبح الحوافز المالية وأسعار الفائدة المتدنية للغاية، والتي من الواضح أنّها أصبحت غير مستدامة. في مواجهة دوامة التضخم، اضطر الاحتياطي الفدرالي وبنك إنكلترا إلى رفع أسعار الفائدة، وستحذو البنوك المركزية الأخرى– وعلى رأسها البنك المركزي الأوروبي– حذوهما تماماً في ذلك. لن يكون هذا سهلاً، فهو يشبه النزول عن ظهر نمر جائع دون أن تتعرّض للأكل.

آفاق رأسمالية قاتمة ولكن!

سيؤدي رفع أسعار الفائدة إلى دفع الكثير من الأعمال التي بقيت حية بسبب المال الرخيص إلى الهاوية، الأمر الذي سيؤدي إلى الكثير من الإفلاسات. لكن بالنسبة للمصرفيين، فهذه الطريقة الوحيدة في أيديهم لكبح التضخم. فالاستمرار بضخّ الأموال سيعني وضعهم في كارثة التضخم ومفاقمة الأزمة.
حتّى النخب الاقتصادية– ورغم محاولتهم الإنكار عبر وسائل إعلامهم ببثّ بعض الأمل– تعلم بأنّ طريقتهم في كبح التضخم ستؤدي إلى حدوث انكماش اقتصادي عميق. بدلاً من كون الأزمات «تحدث مرّة كل قرن»، بتنا نرى تواتراً أكبر وأكثر خطورة لهذه الأزمات ولإيقاع الركود والازدهار.
حتّى قبل أن يضرب الوباء، كان الاقتصاد الرأسمالي العالمي يتباطأ بالفعل، مع زيادة الحمائية وفرط الإنتاج الذي أثّر على قطاعات مختلفة. قام الوباء بمنح المنعطف لتعميق التناقضات المتجذرة في النظام فقط. انهارت سلسلة الرأسمالية في مجموعة كاملة من النقاط، ما أدّى إلى تعطيل كلّ من الإنتاج والعرض. أدّى ذلك بدوره إلى إغلاق قطاعات كبيرة من الاقتصاد، إلى جانب انهيار الطلب. تمّ تسريح الملايين أو إيقافهم عن العمل، ما زاد من التدهور اللولبي.
عنى هذا بأنّ الأسواق والتجارة وسلاسل التوريد: شرايين الاقتصاد العالمي، تمّت مقاطعتها بشكل حاد أو إعاقتها بشكل كلي. ما بدأ كأزمة نامية لفرط الإنتاج، انتهى به الأمر مع إغلاق حسّي وتعطيل الكثير من قطاعات الاقتصاد الرأسمالي. كنتيجة لذلك، انكمش النشاط الاقتصادي في ٩٠٪ من دول العالم. تخطى هذا ما شهده العالم في كلتا الحربين العالميتين، والكساد الكبير، والانهيار المالي في ٢٠٠٨-٢٠٠٩. شهد الاقتصاد البريطاني- كمثال- أكبر تقلّص له منذ ٣٠٠ عام.
بالتأكيد، لم يمكن لهذا الانهيار أن يستمرّ إلى الأبد. في مرحلة ما، حدث الانتعاش الحتمي، الأمر الذي ساعدته إجراءات كبيرة غير مسبوقة من تحفيز الدولة. تمّ الإعلان عن هذا الانتعاش باعتباره بداية حقبة جديدة. كان من المفترض أن يؤدي طلب المستهلكين المكبوت- الذي يتمّ إنفاقه في الحانات والمطاعم وفي أيام العطلات- إلى انتعاش اقتصادي قوي.
انتعشت الاقتصادات بالتأكيد لبعض الوقت. وصل الكثير منها إلى مستويات ما قبل الوباء. لكنّ التعافي كان يتقطع باستمرار بسبب الاضطراب– أو التقطعات الكاملة– في سلاسل التوريد: إرث الأزمة. إنتاج «على الوقت تماماً»، وهو الذي عزز أرباح الرأسماليين في العقود الماضية، أصبح فوضى «لا شيء في وقته»، حيث فقدت صناعات وقطاعات حيوية أجزائها الرئيسية. دفع هذا النقص بدوره الأسعار، وأثار طفرة جديدة في التضخم.

1073-30

الحرب والركود

أصبح الوضع في العالم برمته متقلباً للغاية. لقد تحوّل تكامل التجارة العالمية– الذي كان دفعة هائلة في الماضي– إلى نقيض المطلوب منه. يمكن لحدث واحد في بلدٍ ما أن يكون له تأثير ضار هائل في مكان آخر. عمليات الإغلاق في الصين– على سبيل المثال– والتي تؤثر بشكل مباشر على الصادرات، لها تأثير على التجارة العالمية برمتها. بالمثل فإنّ عوامل أخرى– سواء أكانت مشاكل ما بعد الوباء، أو الحرب في أوكرانيا، أو الصدمات السياسية، أو «الحوادث» الأخرى– يمكن أن يكون لها تأثير حاسم على طريقة عمل النظام الرأسمالي.
اليوم، أطلق الصراع الدائر في أوكرانيا سلسلة من الأحداث التي لها عواقب بعيدة المدى سياسياً ودبلوماسياً واجتماعياً واقتصادياً. أصبحت الحرب حرباً بالوكالة بين دول الناتو وروسيا، وخاصة الولايات المتحدة التي تصدرت ضخّ مليارات من الدولارات من الأسلحة إلى أوكرانيا من قبل الإمبريالية الغربية. لهذا تأثير هائل في كلّ مكان. سيكون للعقوبات الاقتصادية التي يفرضها الغرب- بهدف عزل روسيا عن الاقتصاد العالمي- تداعيات خطيرة. يبدو أنّ الإمبرياليين الأمريكيين والبريطانيين على وجه الخصوص يحاولون تجاهل مثل هذه النتائج. إنّهم مستعدون للمخاطرة بكلّ شيء لهزيمة روسيا، لكنّ افعالهم تؤدي إلى تفاقم أزمتهم.
أدّى الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة إلى ارتفاع التكاليف والأسعار بشكل عام، حيث يترسخ التضخم في كلّ مكان. إذا توقفت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، وهو ما يطالب به البعض حتى هذه اللحظة- رغم أنّه يبدو أمراً عفت عليه الأحداث السريعة- فسيؤدي ذلك إلى ركود فوري يبدأ في ألمانيا. العقوبات الاقتصادية هي حرب بوسائل مختلفة، وهي تزيد من حدّة الأزمة. يتآكل طلب المستهلكين بشكل أكبر، ويتوقف الاستثمار الرأسمالي، ممّا يدفع الاقتصاد العالمي نحو ركود جديد.

النزعة القومية الاقتصادية

تتفاعل هذه العوامل بشكل- ديالكتيكي- مع بعضها البعض، لجرّ كلّ شيء إلى أسفل. كلّ العوامل التي ساهمت في دفع الرأسمالية في الماضي هي الآن العوامل التي تمهد الطريق لكارثة اجتماعية واقتصادية. يقول مارتن وولف، محرر الشؤون الاقتصادية في الفايننشال تايمز: «الآن للأسف، نحن مرة أخرى على طريق منحدر إلى عالم من الانقسام والاضطراب والخطر».
يتشظى الاقتصاد العالمي إلى تكتلات، ويتم كسر سلاسل التوريد في محاولة الغرب لقطع إمدادات الطاقة الروسية، وتقليص قدرة روسيا في الوصول إلى أسواق العملات الأجنبية. لقد دخلنا فترة من القومية الاقتصادية شبيهة بفترة ما بين الحربين العالميتين، وهو انعكاس آخر على مدى تحوّل الملكية الخاصة والدول الرأسمالية إلى عائق أمام التقدّم.
سلّط بيير أوليفييه غورنشاس- كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي- الضوء على عواقب هذه التغييرات الدراماتيكية على النظام الرأسمالي: «إذا أصبحنا عالماً يضمّ العديد من التكتلات المختلفة، فسيتعين علينا التراجع عن الكثير من الاقتصادات المتكاملة التي بنيناها وسلاسل التوريد التي أنشأناها... وبناء شيء آخر أضيق وأصغر نطاقاً... ستكون هناك تكاليف تعديل، وستكون هناك خسائر في الفاعلية، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة في تكلفة أيّ وحدة لأنّ الأشياء لن تتمّ بالكفاءة التي كانت تجري من قبل... إنّ كنّا في عالم فيه كتل مختلفة، فأنا لا أعرف كيف يمكن لصندوق النقد الدولي أن يعمل. هل يتحول إلى مؤسسة تعمل لصالح تكتل دون العمل لصالح بقيّة التكتلات؟ كيف يعمل على طول الأجزاء المختلفة من العالم؟ هذا ليس بالأمر المرغوب على الكثير الكثير من الجبهات».

حدود الرأسمالية

تقوّض الأزمة الحالية ما تبقّى من إطار ما بعد الحرب العالمية الثانية، وتكشف بوضوح حدود النظام الرأسمالي. أوضحت الفايننشال تايمز نفسها، أنّ تسليح التمويل له آثار عميقة على مستقبل السياسة والاقتصاد الدوليين: «انقلبت الكثير من الافتراضات الرئيسية رأساً على عقب حول حقبة ما بعد الحرب الباردة. تمّ تسويق العولمة ذات مرة كحاجز يمنع الصراع، وشبكة من الاعتماد المتبادل من شأنها أن تقرّب الأعداء السابقين من بعضهم البعض».
خلقت الحرب في أوكرانيا فوضى، وكسرت آخر الآمال بالانتعاش. الارتفاع الدراماتيكي في أسعار النفط وحده لم يكن كافياً لقلب الوضع، ولكن جاء انهيار إنتاج القمح والحبوب في أوكرانيا- والعقوبات عليه في روسيا- ليرفع أسعار الأغذية إلى السماء، مع كامل التداعيات السياسية التي تترافق مع ذلك. وكما صرّح عدد من المعلقين الرأسماليين: «عندما ارتفعت أسعار الأغذية في ٢٠٠٨، ساعد ذلك على إطلاق شرارة ما يسمّى بالربيع العربي، وفي النهاية الحرب الأهلية في سورية. الوضع في أوكرانيا زرع بذور أزمة سيتم الشعور بآثارها أبعد من حدود الاتحاد الأوروبي».

استنتاجات ثورية

فتحت البرجوازية بأفعالها صندوق باندورا، ودمروا جميع مظاهر الاستقرار والتوازن، معمقين بذلك تناقضات الرأسمالية في كلّ مكان. وعبر إيمانهم بدعايتهم الخاصة، فقد زادوا من حدة الأزمة الرأسمالية بطريق لم يكن من الممكن توقع حجمها. حذّرت كريستالينا جورغيفا، مديرة صندوق النقد الدولي: «يظهر لنا التاريخ بأنّ الجوع يشعل عادة عنفاً وعدم استقرار اجتماعي».
ليس الازدهار ولا الركود هما من يولدان الثورة، ولكن التحول فيما بينهما هو من يهز وعي الصراع الطبقي. تراكمت الكثير من المواد القابلة للاشتعال في الفترة الأخيرة، وهذا يتزايد باستمرار، لهذا ندرك بأنّ استقرار الماضي قد انتهى.
أشار إنغلز بأنّ ٤٠ عاماً من نوم الطبقة العاملة البريطانية كانت مقدمة لانفجارات نقابية جديدة في تسعينيات القرن التاسع عشر. فتحت هذه حقبة جديدة من الصراع الطبقي والحرب والثورة. اليوم، وصل مدّ الصراع الطبقي بزخم كبير إلى بلدان المركز الرأسمالي، وهو المدّ الذي استمرّ لأكثر من ثلاثة عقود.
مع زوال ضباب الحرب ووصول حقيقة الأزمة الرأسمالية إلى دول المركز، سيشترك ملايين العمال والشباب في الصراع الطبقي. عناصر شابة جديدة على وشك الدخول في الصراع، عناصر غير ملوثة بهزائم الماضي. إنّ عمق الأزمة لا بدّ وأنّ يوصل الكثيرين إلى استنتاجات جذرية، بل وحتى ثورية.
الصراخ من منظري رأس المال واستراتيجييه أمثال مارتن وولف، بأننا مرة أخرى على طريق منحدر إلى عالم من الانقسام والاضطراب والخطر، هو في حقيقته تحذير للنخب الحاكمة كي تستعد لما هو قادم. فما يتحدث عنه ولا يجرؤ على تسميته صراحة باسمه: ثورة الطبقة العاملة.

بتصرّف عن: Stagflation and struggle: capitalism’s new era

معلومات إضافية

العدد رقم:
1073
آخر تعديل على الأربعاء, 08 حزيران/يونيو 2022 13:00