إزاحة الدولار.. الصين وروسيا خطوات سابقة لتصعيد لاحق
يتحضر العالم لمواجهة التصعيد الأمريكي في استخدام الأدوات الاقتصادية، وعلى رأسها العقوبات، في المعركة الدولية... وفي مقدمة هذه التحضيرات تأتي عملية إزاحة الدولار، العملية المعقدة والتدريجية، ولكن المتسارعة أيضاً مع كل تشديد أمريكي لاستخدام العقوبات الاقتصادية. تعتبر القوى الدولية الصاعدة الأساسية: الصين وروسيا في مقدمة هذه العملية، وبخطوات تصعيدية منذ عام 2018، ومن المتوقع أن تتعمق قريباً.
تشير العديد من المصادر إلى أن روسيا والصين تضعان مسودة ميثاق حول التبادل بالعملات المحلية، بينما تفاصيل المعاهدة المذكورة لم تعلن بعد، إلا أنه من الواضح أنها تهدف إلى تسريع دور الروبل واليوان في التبادلات التجارية بين البلدين، وهي جزء من خطة القرار السياسي المعلن للبلدين لتقليص دور الدولار في اقتصاداتهما.
الصين شريك روسيا بنسبة 15%
بدأت الصين تحتل موقعها الطبيعي كشريك تجاري كبير لروسيا خلال السنوات الأخيرة فقط، وبناء على البيانات الروسية، فإن حصة الصين من التجارة الخارجية الروسية ارتفعت من 11% إلى 15% خلال أربعة أعوام بين عامي 2013-2017.
حيث زادت الصادرات الروسية إلى الصين من 7% إلى 11% كنتيجة لمشاريع أنابيب النفط بين البلدين، وتحولت روسيا إلى المصدر الأول للنفط الخام إلى الصين. أما الواردات الروسية من الصين فقد ازدادت أيضاً بنسبة كبيرة من 17% إلى 22% خلال الفترة ذاتها، وتحديداً بعد التوتر السياسي مع الغرب، والعقوبات على روسيا التي سرعت استبدال الشراكات الروسية مع الأوروبيين بشراكات مع الصين.
إن الزيادة بالنسب المئوية، تعكس الزيادة في الكميات، والزيادة الفعلية بالتجارة، رغم أن أرقام التجارة الخارجية بين البلدين بقيت خلال هذه الفترة ما بين 80-90 مليار دولار، نتيجة لانخفاض أسعار النفط بنسبة 50%، وتراجع قيمة الروبل بنسبة 40% كذلك الأمر.
من 6% إلى 19% تبادل بالعملات المحلية
إن دور العملات المحلية في التجارة الروسية الصينية قد ازداد كذلك الأمر، فبينما كانت النسب في عام 2013: 3% من الصادرات بالعملات المحلية، و6% من الواردات. فقد ارتفعت إلى نسبة 18-19% على التوالي، في عام 2017.
بينما لم يكن حجم التبادل بين البلدين بالعملات المحلية يتجاوز بضائعَ قيمتها تقارب 4,3 مليارات دولار في عام 2013، فقد ارتفعت قيم التبادل بالعملات المحلية إلى ما يوازي 11 مليار دولار في 2017.
(الاحتياطي اليواني) في روسيا
إن زيادة أهمية العلاقات الاقتصادية الروسية الصينية، لا تنعكس فقط في حجم التجارة، والتبادل بالعملات المحلية فقط، بل أيضاً في نمو حصة اليوان كعملة احتياطية في الاحتياطيات الروسية. وقد تسارعت هذه العملية بشكل كبير بين 2013 و2017، حيث تضاعفت مساهمة اليوان في الاحتياطيات الروسية من 2,8% وصولاً إلى 5% في نهاية الربع الأول من عام 2018، لتقفز بعدها قفزات كبرى خلال العام الماضي، كما نقلت وكالة بلومبيرغ.
لقد قام المصرف المركزي الروسي بالتخلي عن 101 مليار دولار من احتياطياته، محولاً إياها إلى يورو ويوان، بقيمة 44 مليار دولار من كل منهما، وجزء أقل تم تحويله من دولار إلى ين ياباني. لتنتقل العملة الصينية خلال تسعة أشهر، وتصبح مساهمة بنسبة 15% من الاحتياطيات الروسية في نهاية 2018 بالقياس إلى نسبة 5% في نهاية الربع الأول منه.
إن الاحيتاطي الروسي هو من بين أكبر 10 احتياطيات سيادية في العالم، بمجموع يقارب 458 مليار دولار في نهاية النصف الأول من عام 2018. وتعتبر روسيا المشتري الأولي لسندات اليوان الصيني كاحتياطي، إذ اشترت نسبة 90% منها في النصف الأول من عام 2018، وفق محللي بنك مورغان ستانلي، ولهذا أسباب تتعلق بالعقوبات، وله أيضاً فوائد اقتصادية مباشرة، فالعائد على سندات اليوان البالغ 3,2%، أعلى من العائد على سندات الدولار البالغة 0,35%.
تجري روسيا تحولاً واضحاً ومستمراً في احتياطياتها، لتخفف من الدولار وتمتلك أصولاً أكثر من العملات المختلفة، هذا ما قاله بين ستيل، رئيس الاقتصاد الدولي في مجلس العلاقات الخارجية في نيويورك. وإن هذا التسارع في عام 2018 يعكس اتجاهاً روسياً لتقليل الأصول الاحتياطية المعرضة لتأثيرات العقوبات الأمريكية. فالعقوبات القاسية على العديد من الشركات الروسية في نيسان 2018، أثرت على الروبل، وأطلقت مخاوف من اتخاذ الولايات المتحدة لإجراءات أكثر تشدداً، مثل: محاولة عزل موسكو عن نظام الدفع والتسويات الدولي. وبناء عليه كانت ردة الفعل الروسية سريعة، بتنويع الاحتياطيات الروسية، وبيع الدولار، لتبيع 81 مليار دولار خلال شهري 5-6 من العام الماضي 2018..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 916