2018: قمح دون أمطار... خسائر كبيرة
حتى نهاية الشهر الثالث من العام الحالي لم تكن الهطولات المطرية في الحسكة قد قاربت ثلث معدلات الهطول الوسطية... وقد حددت هذه الهطولات صورة موسم القمح للعام الحالي، ومنذ ذلك الحين أصبح مؤكداً أن موسم 2018 سيتراجع بكميات كبيرة وتحديداً في الجزيرة السورية، وفي عموم الزراعة البعلية.
انتهى موسم حصاد القمح والشعير في معظم المناطق، ويستمر موسم التسليم لمراكز الحبوب حتى نهاية شهر آب تقريباً. فما هي التقديرات لموسم القمح الحالي لعام 2018؟
عشتار محمود
وزارة الزراعة السورية كانت قد أعلنت أن خطتها لزراعة القمح في موسم 2018 قد بلغت 3,2 مليون هكتار تقريباً، وما نُفّذ منها هو مساحة 1,97 مليون هكتار بنسبة 61%.
أما المساحات التي تم حصادها فقد بلغت لغاية الرابع من شهر تموز الحالي حوالي 350 ألف هكتار فقط، ونسبة لا تتعدى 18% تقريباً من المساحات المزروعة، ولكنها قد تزيد عن هذا الحد مع استمرار عمليات الحصاد حتى نهاية الشهر الحالي، ولكن بنسبة غير كبيرة حيث انقضت أكثر من نصف فترة الحصاد.
وبهذا تكون مؤشرات الموسم الحالي معاكسة لمؤشرات العام الماضي: ففي 2017 زرع السوريون مساحات قمح أقل من 2016، ولكنهم حصدوا مساحات أكبر بسبب تحسن موسم الأمطار وتحسن في الظروف الأمنية. بينما في الموسم الحالي 2018 زرعوا مساحات أكبر من العام الماضي، بينما حصدوا مساحات أقل بشكل ملفت.
حيث بلغت المساحات المزروعة بالقمح العام الماضي 1,1 مليون هكتار، بينما تم حصاد مساحة 1 مليون هكتار منها. أما حالياً فالمزروع 1,97 مليون هكتار بينما المحصود سيزيد قليلاً عن 350 ألف هكتار لا أكثر...
المناطق الأساسية
توزعت المساحات المحصودة والبالغة 350 ألف هكتار بين محافظتي حلب والحسكة بشكل أساس: حيث بلغت في حلب 150 ألف هكتار، بينما في الحسكة 107 آلاف هكتار فقط، و43 ألف هكتار في الغاب، والباقي موزع في المحافظات الأخرى باستثناء الرقة ودير الزور والقنيطرة وفق تصريحات مدير الإنتاج النباتي في وزارة الزراعة.
وهذه المساحات لن يتعدى إنتاجها 700 ألف طن من القمح، بعد منتصف موسم الحصاد.
بينما في الموسم الماضي فقد بلغت المساحات المحصودة في هذه المناطق: 189 ألف هكتار في حلب، وحوالي 379 ألف هكتار في الحسكة، وحوالي 42 ألف هكتار في الغاب حيث لم تتراجع الكميات المحصودة.
الحسكة هذا العام
قدرت مديرية زراعة الحسكة أن إنتاج المحافظة قد يبلغ 230 ألف طن، بناءً على المساحة المزروعة بالقمح التي قاربت 312 ألف هكتار: نسبة 22% منها فقط مروي، والباقي بعلي بمساحة 230 ألف هكتار.
تشير التقارير الإعلامية، والمعلومات من الجزيرة السورية: أن المساحات البعلية قد خرجت بغالبيتها من الإنتاج، نتيجة انحباس الأمطار في الشهر 3 من العام الحالي، ويقدر البعض أن نسبة الذبول 90% في المزارع البعلية في مناطق الاستقرار الثانية والثالثة والرابعة، جنوب المحافظة التي لم يتم حصاد معظمها، بل تم تضمينها لمربي الماشية، وذلك بأسعار تقارب 2700-4000 ليرة للدونم حسب نوع المزروعات والمنطقة. كما أن الضرر قد أصاب أيضاً المساحات المروية من القمح بنسبة 40% تقريباً.
وفق معلومات لقاسيون عن عينات من مزارعي الحسكة، فإن إنتاجية الدونم المروي قاربت: 368 كغ، بارتفاع بنسبة 51% تقريباً عن غلة المروي الوسطية في عام 2016 والبالغة 244 كغ في الهكتار في محافظة الحسكة.
أما في القمح البعلي فإن الغلة قد قاربت: 32 كغ للدونم فقط، بانخفاض استثنائي عن المستويات الوسطية السابقة والتي قاربت في عام 2016: 108 كغ في الدونم، بنسبة تراجع في الغلة: 70%.
ربح بالمروي وخسارة بالبعلي
بلغت تكاليف الإنتاج المروي للدونم حوالي 38 ألف ليرة تقريباً، وبالمقابل فإن الإنتاج المقدر بحوالي 368 كغ للدونم، يتوزع بنسبة 9% تقريباً للفلاح العامل في الأرض، والباقي للمزارع مالك الأرض. ما يعني: أن المزارع يدفع للفلاح جزءاً من عائده، وتكون التكلفة الإجمالية عليه تقارب 43 ألف ليرة، بينما الوارد المالي بحده الأقصى يقارب 57 ألف ليرة، في حال حصول القمح على أعلى تسعيرة حكومية للنخب الأول 170 ليرة للكغ. ويحقق دونم المروي عائداً صافياً للمزارع يقارب 13400 ليرة، بنسبة ربح للتكاليف: 30%.
أما في حالة الزراعة البعلية في العام الحالي، فإن تكاليف الدونم تقارب 8200 ليرة، بينما العائد بحده الأقصى من غلة 32 كغ للدونم، يقارب 5400 ليرة، بخسارة صافية: 2800 ليرة في الدونم، ونسبة 34% من التكاليف. حيث تتقلص تكاليف الفلاحة، والبذار، والحصاد، ولا توجد تكاليف ريّ، أو حصة للفلاح.
التكاليف بين
ما قبل الأزمة واليوم
تشير التقديرات الرسمية لتكاليف القمح في عام 2011 قبل الأزمة إلى أن تكلفة الدونم المروي كانت تقارب 6000 ليرة، حيث ارتفعت تكاليف القمح في الدونم بمقدار 600% بين ذاك الوقت واليوم، ورغم ارتفاع سعر شراء القمح من 21 إلى 170 ليرة للكغ، أي: بنسبة 710%، إلا أن تراجع الغلة، وإنتاجية القمح في الدونم تجعل العوائد الصافية للمزارعين أقل، حيث كانت العوائد الصافية تمثل 48% من التكلفة، بينما أصبحت اليوم 30% من التكلفة.
بينما ارتفعت تكاليف البعلي من قرابة 2000 ليرة للدونم، وصولاً إلى 8200 ليرة، بنسبة 580%، وكان الكغ يخسر 4,5% من التكلفة بينما أصبح يخسر اليوم قرابة 33%.
حيث إن الجفاف الذي أصاب سورية في عام 2010، أثّر أيضاً على موسم القمح البعلي الذي سجل خسارة في عامي 2010- 2011 قبل الأزمة، بينما كان في السنوات السابقة يسجل ربحاً بلغ في عام 2005: 25% من تكلفة الكغ، وانخفضت هذه الأرباح في عام 2009 إلى 9,5% مع رفع أسعار مستلزمات الإنتاج.