غرف التجارة والصناعة.. فوارق رؤى وتوجهات
أسبوع واحد فقط هي الفترة الفاصلة بين اجتماعين لرئيس الحكومة مع كل من مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، ومجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، كان اللافت بينهما فروقات الطرح والمعالجة، وما صدر عنهما من قرارات وتوجهات حكومية.
فيما يلي نورد تلك الطروحات والمقررات، وذلك بحسب ما وردت على موقع الحكومة عن هذين الاجتماعين.
البحث عن المزيد من الامتيازات
في اجتماع بين رئيس الحكومة مع مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، بتاريخ 4/4/2018، تركزت طروحات أعضاء الغرفة على ما يلي:
ضرورة وضع التشريعات اللازمة لمرحلة إعادة الإعمار_ إصدار قانون الاستثمار الجديد_ تعزيز دور الغرفة في اتخاذ القرارات الاقتصادية_ معالجة ظاهرة التهريب_ تخفيض نسبة الفوائد على القروض_ الترويج للاستثمارات التي ستنطلق في مرحلة إعادة الإعمار_ تسهيل حركة الاستيراد والتصدير_ توقيع اتفاقات للتجارة البينية بين سورية وعدد من الدول الإفريقية_ إنشاء مجمعات اقتصادية مؤقتة_ تأمين اليد العاملة_ إعادة النظر بنسبة 15% التي تسلم لمؤسسات القطاع العام من المواد المستوردة_ تحديد الجهات المخولة بتنظيم المعارض بحيث تختص كل جهة بقطاع معين واعتماد روزنامة سنوية للمعارض الداخلية والخارجية، بالتنسيق بين كل الاتحادات.
وقد تقرر خلال الاجتماع: تكليف مجلس إدارة الغرفة تحديد قوائم المواد التي يمكن السماح باستيرادها، والمواد التي يرون أن الرسوم الجمركية عليها عالية لمعرفة ما يمكن اتخاذه بشأنها_ تقديم مذكرة حول الجدوى من نسبة 15% وانعكاساتها على المستورد والمواطن ليصار إلى دراستها، تقديم مذكرة حول الفروق الحاصلة بين ضريبة الصناعي وضريبة المستورد، لعرضها على اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء_ الطلب من أعضاء مجلس الإدارة تقديم قائمة بالتشريعات التي يحتاجونها لتسهيل عملهم في تنشيط العملية التجارية لدراستها في مجلس الوزراء، وإصدار المناسب منها_ الطلب من أعضاء مجلس الإدارة تقديم قائمة بالمواد المهربة لدراسة ما يمكن اتخاذه من تسهيلات بشأن السماح باستيرادها وفق الأنظمة النافذة.
البحث عن موطئ قدم
في اجتماع لرئيس الحكومة مع مجلس إدارة غرفة صناعة دمشق وريفها، بتاريخ 11/4/2018، تركزت الطروحات حول: دراسة تخفيض نسبة الفوائد على القروض الميسرة إلى 6%_ ضرورة إيلاء مراكز التدريب في المناطق والمدن الصناعية أهمية كبيرة، وذلك من خلال تنسيق وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، مع الفعاليات الصناعية في هذه المناطق، لإقامة مراكز تدريب متخصصة تؤمن الخبرات الوطنية الكفؤة وفق خطة تدريب استراتيجية للغرف الصناعية_ تسهيل منح التراخيص الإدارية للمنشآت القائمة والمستثمرة وغض النظر عن المطالبة بالترخيص الإداري للمنشآت في المناطق المحررة حديثاً_ تمديد العمل بقرار منح المنشآت القائمة وغير الحاصلة على الترخيص الإداري إذناً بمزاولة نشاطها بشكل مؤقت لمدة سنتين_ الاستمرار بسياسة ترشيد الاستيراد للمواد التي لها مثيل من المنتجات الوطنية لمدة خمس سنوات_ إقامة مدينة صناعية في منطقة القلمون وتوسيع المنطقة الصناعية في يبرود_ تمديد العمل بمرسومي تخفيض الرسوم الجمركية بنسبة 50% على المواد الأولية ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعة المحلية_ إعفاء الآلات وخطوط الإنتاج المستوردة لصالح المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية_ تمديد العمل بالقانون المتعلق بإعفاء أصحاب العمل لدى مؤسسة التأمينات الاجتماعية من الفوائد والمبالغ الاحتياطية لغاية 4/1/2018_ تفعيل عمل مجالس الأعمال.
وقد تقرر خلال الاجتماع: تكليف الغرفة بإنشاء قاعدة بيانات بأسماء الصناعيين والحرفيين في الزبلطاني وحرستا وعين ترما وعربين، الراغبين بإعادة إقلاع منشآتهم وتحديد ما يلزمهم من دعم مادي ولوجستي لذلك_ تكليف الغرفة التنسيق مع حاكم مصرف سورية المركزي، وممثلي المصارف العامة للاتفاق على سياسة إقراض داعمة للمنشآت الصناعية الراغبة بإعادة الإقلاع وفق ضوابط معتمدة، مع إعطاء الأولوية في التسهيلات المقدمة للصناعيين الجادين في ذلك_ الطلب من الغرفة عقد اجتماعات مع وزيري الإدارة المحلية والبيئة والصناعة لإيجاد آلية لتسهيل منح التراخيص الإدارية للمنشآت في المناطق المحررة، وذلك لتسهيل إقلاعها من جديد_ دعماً لصناعة الحياكة وصباغة الأقمشة ستقدم وزارتا الصناعة والاقتصاد وغرفة صناعة دمشق وريفها، دراسة تفصيلية عن واقع هذه الصناعة ومتطلبات دعمها والمعوقات التي تعترضها ليصار إلى اتخاذ ما يلزم للمعالجة الفورية لها_ مشاركة ممثلين عن غرفة صناعة دمشق وريفها في صياغة مشاريع القرارات الحكومية المتعلقة بالعمل الصناعي والاقتصادي وخصوصاً قانون المالية والنظام الضريبي وقانون الاستثمار وقانون القروض المتعثرة.
تعليق لا بد منه
لعل المقارنة بين ما ورد أعلاه، كمثال، كفيلة لتوضيح الفارق بين رؤى كل من القطاعين التجاري والصناعي، كما يسلط الضوء على التوجه الحكومي الداعم لقطاع التجارة على طول الخط، على عكس التوجه نحو قطاع الصناعة، وهو ربما ما يتماشى ويتناغم عملياً مع السياسات الليبرالية التي تنتهجها الحكومات المتعاقبة منذ عقود، وما زالت.
فاللافت من الاجتماعين والقرارات المعلن عنها، أن القطاع التجاري على الرغم من كل ما يتمتع به من امتيازات واستثناءات وإعفاءات وأرباح، فهو يسعى إلى المزيد منها، وصولاً للمشاركة باتخاذ القرارات الاقتصادية بما يحقق المزيد من المصالح والأرباح، علماً بأنه ليس بعيداً عن ذلك بمطلق الأحوال، أما القطاع الصناعي فما زالت مطالبه متواضعة، وهي مرتبطة بالكثير من الصعوبات والمعوقات التي تعترض عمله اللحظي، والتي ربما لن تنتهي.
وبهذا الصدد، ربما يجب ألّا يغيب عن ذهننا كذلك الأمر ما حل بقطاع الدولة الإنتاجي والصناعي والإنشائي، بل والخدمي كذلك الأمر، طيلة السنوات الماضية بنتيجة الاستمرار بنفس النهج الليبرالي، وصولاً لما آل إليه واقعها من ترهل وضعف، وخاصة من خلال تخفيض الإنفاق عليها وعرقلة تطويرها، بل والدفع باتجاه تصفيتها وإنهاء دورها الوظيفي ذي الطابع الوطني، على الرغم من كل التغني الرسمي بها وبأهميتها وبدورها، ولعلنا لم ننس بعد ما طلبته الحكومة مؤخراً من المؤسسات ذات الطابع الاقتصادي، بأن يتم تحويلها من الخسارة إلى الربح، هكذا..، وكأن الأمر مقتصر على عبارة «كن فيكون» الحكومية!