جمعية العلوم الاقتصادية تبحث تمويل إعمار سورية
قدمت جمعية العلوم الاقتصادية بتاريخ 15/8/2017 محاضرة بعنوان «تمويل إعادة الإعمار في سورية» ألقتها الدكتورة رشا سيروب، وقسمت المحاضرة إلى عدة محاور تناولت: تقديم للوضع الاقتصادي الاجتماعي الراهن والسابق للأزمة، توضيح مفهوم إعادة الإعمار، مصادر التمويل المحتملة وإمكاناتها في سورية.
وفي سياق الإضاءة على الوضع الراهن، ذكرت سيروب أن الإنفاق الاستثماري الحالي في سورية ضعيف، ولا يتجاوز 25% من اعتمادات الحكومة، وأن العقوبات الاقتصادية طالت قطاعات النفط والطاقة والتكنولوجيا بشكل أساسي، كذلك منعت الدول العربية التي فرضت العقوبات تمويل أي مشروع والتعامل مع البنك المركزي، لذلك فإن الوضع التمويلي يرثى له ولا بد للبحث في الإمكانات المتوفرة.
الإعمار لا العودة للماضي
وعن مفهوم إعادة الإعمار، فإنه وإن اختلفت التسميات بين إعادة الإعمار أو إعادة البناء أو التعافي، فإن تعريف المؤسسات الدولية الذي يتضمن فكرة إزالة مسببات الحرب والأزمة، والعودة إلى الوضع السابق، لا يتلاءم مع الوضع السوري. لذلك طرحت المحاضرة التساؤل التالي: هل المطلوب هو العودة إلى الوضع السابق للحرب؟
وفي سياق الإجابة على هذا السؤول: قدمت سيروب بعض الحقائق الاقتصادية لما قبل الحرب، والمتمثلة بشكل أساسي في وجود اختلالات هيكلية، واعتماد النمو بشكل أساسي على قطاع السياحة والخدمات، وعلى المضاربات المالية والعقارية، بالإضافة إلى ازدياد الضرائب المباشرة على حساب الضرائب الغير المباشرة، والتي تعتبر أكثر عدالة، وكذلك انخفاض الإنفاق الحكومي وكفاءة الاستثمار.
ومن هنا فإنه ليس المطلوب من إعادة الإعمار هو العودة إلى الماضي، بل المطلوب هو ترميم آثار الحرب، وإصلاح ما كان قائماً سابقاً. أي: تحقيق مستويات من الدخل والنمو مرتفعة ومترافقة مع عملية التنمية، وتحقيق العدالة والمساواة.
دور أساسي للدولة
أكدت سيروب بأنه علينا أن نكون متفائلين، فسورية ليست الدولة الوحيدة التي تعرضت لحرب ومن ثم خرجت أكثر تطوراً، كما أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها سورية لحرب وخسائر في مواردها، لذلك يجب علينا التعامل مع إعادة الإعمار كفرصة للمضي قدماً. وعن مصادر التمويل الممكنة، قسمت سيروب المصادر حسب القطاعات وأشارت: أنه في القطاع العام هنالك الإيرادات الجارية التي تتضمن الضرائب والرسوم الجمركية على سبيل المثال، والتي لا تتجاوز نسبتها اليوم 20% من اعتمادات الموازنة، وبالتالي يجب البحث في أدوات لرفعها. أما عن إمكانية التمويل الخارجي على شكل قروض أو منح، فقد أشارت سيروب: أنه لا يجب التعويل على الغرب لإعادة الإعمار، خاصة مع وجود عقوبات اقتصادية ومالية يفرضها علينا. ومن ناحية أخرى، لا يجب التعويل أيضا على القطاع الخاص كمساهم أساسي في الإعمار، فالمشاريع الخاصة لا تستثمر في مشاريع كبيرة غير عالية الربح مثل مشاريع البنية التحتية، وبالتالي: القطاع العام هو الذي سيقود إعادة الإعمار، مع وجود دور للقطاع الخاص بحدوده الدنيا.
التحديات والحلول
التحدي الآخر الذي يضاف إلى مهمة تأمين التمويل اللازم حسب سيروب، هو الترهل في عمل المؤسسات الحكومية وأدواتها وسياساتها، فإعادة الإعمار تتطلب مؤسسات دولة قوية. وفي إطار البحث عن حلول لمشكلة التمويل اقترحت بعض الإجراءات التي تتضمن: إصلاح المنظومة المالية والنقدية التي لا تزال تعمل كجابٍ وليس كراسم للسياسة الاقتصادية، والبحث عن مصادر تمويلية دون تكاليف إضافية، مثل مؤسسة البريد التي يمكن أن تحقق إيرادات أعلى عن طريق الشحن والحوالات، إعادة النظر بأملاك الدولة الضخمة المؤجرة والمستثمرة، التي يمكن أن تحقق إيرادات أكبر بكثير، وأن تقوم وزارة المالية بالعمل بالشكل الأمثل، للحد قدر الإمكان من التهرب الضريبي، كذلك فرض ضرائب على المكاسب الرأسمالية، مثل العقارات حتى في حال عدم البيع، ما يخفف المضاربات على القطاع السكني. كما اقترحت سيروب بأن تكون القروض الخارجية في حال حصلنا عليها عن طريق اتفاقيات ثنائية بالقوة التفاوضية مع بعض الدول، على ألا تصل كتدفقات نقدية بل كمواد أولية ومعدات وتجهيزات بصيغة قروض. ولكن كل ما سبق، يجب أن يرهن بخطة اقتصادية لنحدد أين ستوجه الأموال، فالأموال ليست العنصر الوحيد لتحقيق إعادة الإعمار، وإذا لم تترافق مع سياسات فعّالة فلن تحقق الهدف المطلوب.
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 824