رفع الفائدة.. هل هو إعلان بداية النهاية؟!

رفع الفائدة.. هل هو إعلان بداية النهاية؟!

للمرة الثانية خلال أربعة أشهر تؤكد حاكمة البنك الفيدرالي الأميركي بأنه من الضروري رفع أسعار الفائدة، وربما لثلاث مرات متتالية خلال عام 2017.. فما الذي قد يعنيه رفع سعر الفائدة من البنك الفيدرالي الأميركي؟!

(الفيدرالي الأميركي)، والذي تعود نسبة 100% من الحصص فيه إلى مجموعة البنوك الكبرى، هو ليس مركز نظام المدفوعات والسيولة الأميركي فقط، بل مركز النظام المالي العالمي، وذلك بعد عقود من هيمنة نظام الدولار الأميركي، الذي يطبعه البنك الفيدرالي. وقد تعمقت أواصر هذا الارتباط المالي، واشتدت تمركزاً بعد أزمة عام 2008، وذلك عبر التوسع الهائل في انتشار الدولار، وسندات الخزينة عالمياً، مع توسع كبير في سياسة الإقراض بتكلفة هامشية وسعر فائدة يقارب الصفر.. 

و النقطة الأهم في سياسة الفيدرالي الأميركي، هي هيمنته على ديون الحكومة الأميركية، التي يتم تداولها في السوق المالية العالمية، على شكل سندات الخزينة الاميركية.

والعملية تتم بالشكل التالي: تطلب وزارة الخزانة الأميركية الأموال من البنك الفيدرالي، الذي يزودها بالدولار المطبوع، ويحصل على سند الخزانة الأميركي، الورقة المالية الأهم في العالم، ويقوم ببيع هذه السندات في السوق المالية العالمية، ويحصل مقابلها على أموال. ويستخدم حائزي هذه السندات من أصحاب رؤوس الأموال عالمياً، ورقتهم الهامة في شراء أصول حقيقية في شركات واستثمارات عالمية تعمل بالإقراض، وقد توسعت كثيراً هذه العملية منذ أن أصبحت تكلفة هذا الإقراض صفراً..

ولذلك يمكن قراءة التلويح برفع سعر الفائدة، على أنه إعلان بداية نهاية مرحلة التوسع المالي الرخيص لمنظومة الدولار عبر السندات، وبالتالي بداية مرحلة جمع الغنائم من هذا الدين المسموم، المنتشر عالمياً، أي أنه وقت تحصيل حصة هامة من القيم المنتجة عالمياً، وصبها لدى حائزي هذه السندات، الذين عليهم أن يحصلوها نهاية من الحكومة الأميركية، التي عليها أن تجند قدرات المجتمع الأميركي ودافعي الضرائب، لدفع هذا الدين المتراكم، أو تعلن إفلاسها، أو ترتهن كلياً لحكومتها العميقة في الفيدرالي الأمريكي.

أي أن تطبيق رفع سعر الفائدة، قد يفتح سلسلة احتمالات من الصعب التكهن بمآلاتها: أزمة مالية وإفلاسات- طلب عالي على سندات الخزانة الأميركية- ارتفاع كبير في ديون الحكومة الأميركية- ارتهان أعمق للنخبة المالكة في الفيدرالي- مزيد من الضغط على المجتمع الأميركي لتسديد ديون الحكومة الاميركية- صعوبات في سداد الدين- تراجع الطلب على سندات الخزانة الاميركية.. 

تتفق جميع النخب الاقتصادية الأميركية على مسألة رفع سعر الفائدة، ويختلفون على التوقيت، وفي هذا تعبير آخر عن الاتفاق على مسألة عدم إمكانية توسيع إضافي لمنظومة الدولار، وإشعال مرحلة جديدة من الأزمة، يبدأ فيها جمع الغنائم من المفلسين عالمياً، لدى المالكين الفعليين لعوائد هذه المنظومة، ولكن ماذا لو امتنع المقترضون في دول أخرى عن السداد، أو قامت حكوماتهم بحماية أصولهم، وماذا لو تم بيع كتلة كبيرة من هذه السندات، وانخفضت قيمتها وفقدت وزنها، وبالتالي تلاشى جزء كبير من كتلة الدين العالمية هذه؟! إن أي إجراء اقتصادي من هذا النوع، سيستتبعه رد فعل اقتصادي عالمي، قد لا تكون عواقبه محمودة على منظومة الدولار، التي تهدد اليوم استمرار استقرار دولتها ذاتها..

معلومات إضافية

العدد رقم:
798