التأمينات الاجتماعية.. مهددة بالإفلاس؟!
(التأمينات على وشك الإفلاس).. هذا ما حذر منه أعضاء في المجلس العام لاتحاد العمال، الذي انعقد في دمشق بتاريخ 18-19 من الشهر الحالي، حيث حذروا من أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على وشك الإفلاس نتيجة ضياع أموالها بين جهات كثيرة.
فما الذي يعنيه أن تفلس مؤسسة التأمينات الاجتماعية، أو تتعثر سيولتها لحد استثنائي؟! إنه يعني أن مجمل حصص الأجور المقتطعة والمتراكمة قد أصبحت موزعة بين زواريب الحكومة، التي لا تسعف محتاج..
المبلغ الأكبر من أموال التأمينات الاجتماعية، موجود لدى جهات القطاع العام، التي لا تسدد مستحقات التأمينات الاجتماعية، على الرغم من أن هذه الأموال أنها مقتطعة من رواتب وأجور العاملين، وأكثر من 260 مليار ليرة هو دين الجهات العامة الذي يجب أن تسدده للمؤسسة.
المبلغ الآخر، هو: أموال التأمينات على وزارة المالية، عبر صندوق الدين العام، حيث أن الصندوق الذي من المفترض أن يحصل على أمواله من المصرف المركزي، ويوزع للجهات الحكومية وفق خطط الدين العام، وإنفاق الموازنة المقر، قد حصل على 225 مليار ليرة من أمواله من التأمينات الاجتماعية، ولم تعاد هذه الأموال، بل يتم الحديث عن إطفائها.
أما اليوم فقد وصلت المؤسسة إلى إنفاق 25 مليار ليرة من مبلغ الاحتياطي البالغ 40 مليار ليرة فقط.
يضاف إلى هذا أن التأمينات تدفع للمتقاعدين مبالغ التعويض المعيشي، التي يفترض أن تقوم وزارة المالية بدفعها، وهي أيضاً مستحقات للتأمينات الاجتماعية على وزارة المالية.
اقتراحات المجلس كانت، بضرورة أن يقوم صندوق الدين العام بضمان أموال التأمينات الاجتماعية، ويضمن سداد مستحقات العمال من رواتب تقاعدية وتعويضات، في حال أن احتياطي المؤسسة وسيولتها الحالية استمرت في الانتكاس.
(موجة التغيير السريع)
من الطبيعي أن تتراجع موارد التأمينات الاجتماعية في الأزمة، بعد تسريح العمال، وتوسع كبير في القطاع غير المنظم -الذي يشمل أكثر من 60% من النشاط الاقتصادي في سورية اليوم، وفق بعض التقديرات- بالإضافة إلى التراجع الكبير في القيمة الحقيقية للأجور، التي تقتطع منها أموال التأمينات، ولكن من غير الطبيعي أن تتم عملية منظمة لعدم تسديد أموال التأمينات من قبل جهات القطاع العام، ومن قبل صندوق الدين العام، لإفقادها السيولة، ودفعها إلى الإنفاق من الاحتياطي الضئيل.
ثم ماذا عن استثمارات المؤسسة لأموالها، في المصارف الخاصة والعامة كبنك قطر، والبنك الدولي الإسلامي، والمصرف العقاري والتجاري؟! أين الحصص والعوائد العائدة من النشاط الربحي لهذه المصارف جميعها خلال الأزمة؟! كما أن المؤسسة استثمرت كذلك الأمر في السياحة، وشاركت في شراء عقارات وأراضٍ من أموال العمال وأجورهم، هل ستكون هذه الأصول والحصص جميعها، عرضة (للبيع بداعي الإفلاس)؟!
ثم لماذا تتوانى وزارة المالية، وصندوق الدين العام، عن حل المشكلة، وعدم سداد مستحقاتها، أو ضمان سيولة المؤسسة؟! هل يمكن أن تكون عملية إفلاس التأمينات الاجتماعية مطروحة؟! وما الذي يعنيه هذا، وأين ستذهب أجور العمال المتكدسة منذ سنوات، في مؤسسة كان من الممكن أن تكون رافعة استثمارية، لا مضارب عقاري ومصرفي؟!
لا بد أن أحداً ما سيخرج ليتحدث عن هيكلة المؤسسة، وآخر سيتحدث عن مشاركة شركات قطاع التأمين الخاصة، وثالث سيتحدث عن ضمان الدولة للأموال في حال توفر الموارد، والحديث كله يدور في فلك (موجة التغيير) التي تجري في العامين الأخيرين، عن طريق جملة القوانين والتشريعات والإجراءات، التي استفادت من الأزمة، لتجري التغيرات الكبرى في مواضع القوة في جهاز الدولة، والتي تجري لإعادة ترتيب أهم مواضع الموارد فيه، فإعادة هيكلة التأمينات، هو ترتيب حصة هامة من الأجور تبلغ 21% من كتلة الأجور المنظمة! وهي نسبة سنوية جيدة (تُسيل لعاب الفاسدين والمستثمرين)..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 790