هل تفك اليونان عقدة غوردية بحد السيف؟!
«منذ صيف عام 2015، ابتعدت اليونان عن دائرة الاهتمام الإخبارية، ولكن ليس لأن أحوالها الاقتصادية أصبحت مستقرة. فالسجن مكان لا يستحق عناء استقصاء أخباره، ما دام النزلاء يعانون في صمت. ولا تظهر شاحنات الأقمار الصناعية، إلا إذا شهد السجن تمرداً، فتتخذ السلطات إجراءات صارمة»
هذا ما ذكره يانوس فاروفاكس الاقتصادي اليوناني، ووزير المالية السابق، المستقيل من حكومة سيريزا، على خلفية موافقة «حكومة اليسار اليوناني» على تسوية أزمة الديون اليونانية بقرض جديد، تحت ضغط صندوق النقد الدولي، وألمانيا والاتحاد الأوروبي.
يقول فاروفاكس: أن أزمة الديون اليونانية، ستعود لتطفو على السطح، مع مؤشرات تراشق صندوق النقد، والمفوضية الأوروبية، لتهمة فرض خطط التقشف على الحكومة اليونانية، التي لن تزيد من إمكانيات السداد. الإجراءات التي قبلت الحكومة سيريزا بها، لتكون «مزيداً من الحفر في حفرة الديون اليونانية». بحسب فاروفاكس فإن هذه الحكومة، واليونان عموماً، لا يملك خياراً سوى الإعلان عن عدم القبول بسداد جزء هام من الأقساط والديون، التي تراكمت بعد أزمة عام 2008، والتي كان للبنوك الألمانية دور كبير، في تحميل اليونان أعباء مالية كبيرة على أثرها.
(سيف الاسكندر)
ليقول الاقتصادي اليوناني: أن بلاده لا تملك أية خيارات، إلا أن تقوم (بقطع عقدة غوردية بسيف الإسكندر)، أي أن تكون المبادرة إلى حل عقدة الديون الأوروبية بالبتر، كما فعل الإسكندر الأكبر بالعقدة، التي لم يظهر أي طرف لحبالها.. حيث اليونان لا تمتلك أي خيار سوى: أن «تعلن عن وقف سداد الأقساط كلها من جانب واحد وإلى أن يتم الاتفاق على إعادة هيكلة الديون على نطاق واسع، وتحديد أهداف مالية معقولة»، لتفرض بذلك على صندوق النقد، وألمانيا ومفوضية الاتحاد الأوروبي، أن تقوم بعمليات إعفاء من جزء كبير من الديون، لأنها بذلك سوف تشكل مفتاحاً لحل أزمات الديون الأوروبية والأزمة الاقتصادية، التي يقول فاروفاكس: أن الإعلان والأزمات السياسية الكبرى في أوروبا، أصبحت تغطي على استحقاقاتها، كخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وصعود اليمين في العديد من الدول، وتحديداً ألمانيا والنمسا، والاستفتاء الدستوري في إيطاليا، والذي أسقط حكومة ماتيو رينزي، بالإضافة إلى التحول القريب في التركيز، نحو المركز السياسي المتدهور في فرنسا، والتغيرات المتوقعة المرافقة للانتخابات الرئاسية القادمة..
(رأسمال شعبي)
حكومة سيريزا «اليسارية» قد خذلت ناخبيها، الذين أعطوها فرصتين لتأخذ اليونان نحو الطريق الصحيح، وتعلن عدم موافقتها على الطرق النيوليبرالية لحل أزمة الديون، وذلك عندما انتخبوها أولاً، وعندما استفتوا على عدم الموافقة على الشروط في العام نفسه..
الوزير السابق و«الاقتصادي اليساري» يشير بالفعل: أن حكومة «اليسار اليوناني» لم تخرج عن نهج الحل النيوليبرالي، لأزمة ديون بلادها، ولكن لانحرافات اليسار يميناً أشكال متعددة، منها ما يقوله فاروفاكس ذاته، عندما يرى: أن حل أزمة تراكم الثروة عالمياً، بأن يعطي الرأسماليون طوعاً جزءاً من ربحهم للشعب، ويشكلوا: «رأس مالي شعبي»، فأن تضع حلاً غير واقعي وغير علمي، يعني عدم الرغبة في صياغة حل، ومهادنة مع أصحاب المشكلة..
على اليونان فعلاً أن تكون كما الإسكندر الأكبر، فتبتر المشكلة بحد السيف، وتعلن رفضها لاستعباد الشعب اليوناني، عبر الديون التي خلقتها المنظومة الاوروبية النيوليبرالية، ولكن عليها أيضاً، أن تكون كما الإسكندر بالتوجه شرقاً، لتحل عقدة الأزمات الأوروبية التي لا فكاك منها إلا بالتخلص من عبء النيوليبرالية الغربي..
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 790