الفساد سرطان التنمية والبناء والمواجهة.. (2-2)
الأسباب المؤدية إلى انتشار ظاهرة الفساد
هناك أسباب كثيرة تؤدي إلى انتشار وتفشي ظاهرة الفساد، الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية منها:
الأسباب الاجتماعية
ترجع إلى التنشئة السلبية غير الصحيحة وغير العلمية، عن طريق الأسرة أو المنشآت التعليمية أو المجتمع أو الإعلام أو الذين يدعون العمل الديني من أجل التجارة، حيث تشكل قيماً وأعرافاً تعتبر كأساس لسلوك الفرد في المجتمع بشكل عام وفي المجال الوظيفي بشكل خاص، فللتربية دور أساسي في مدى الالتزام بالقواعد الأخلاقية والقانونية في ممارسة الوظيفة سواء بشكل سلبي أو بشكل إيجابي، فالمجتمعات التي تستند وترتكز ثقافتها على سيادة الولاءات الأسرية أو الالتزامات الإقليمية والقبلية أو علاقات الدعم، يكثر فيها الانحراف عن القواعد والنصوص، لا من أجل المكاسب الشخصية فقط، بل من أجل الأقارب من الأسرة والقبيلة والعشيرة.
الأسباب الاقتصادية
ضعف الرواتب والأجور مقارنة مع تكاليف المعيشة، فالأجور المدروسة بدقة وواقعية بحيث تتناسب مع تكاليف المعيشة تمثل ركناً أساسياً وهاماً في الاستقرار المعاشي والنفسي للعامل أو الموظف، وبالتالي تساهم في بعدهم عن ممارسة الفساد، وكذلك تلعب أنظمة الحوافز والمكافآت المدروسة والعادلة والمرتبطة بتحقيق الأهداف دوراً بارزاً في تحقيق النظام والقانون.
الأسباب الإدارية
1 ـ تعقد القوانين وصعوبة فهمها، ما يجعل الناس يلجؤون إلى الأساليب غير القانونية، ويعطي المبرر للموظف من أجل طلب الرشوة أو عرقلة تنفيذ الطلب في حال عدم إعطائه الرشوة.
2 ـ ضعف الأجهزة التفتيشية والرقابية على الرغم من تعدد هذه الأجهزة، وكبر عدد الأفراد الذين يعملون فيها وإعطاء صبغة عدائية لدور هذه الأجهزة بدل من صفة المتابعة .
3 ـ غياب المعايير الموضعية لانتقاء العاملين في الإدارات أو المؤسسات أو في الوظائف العليا، بحيث يكون معظم التوظيف بعيداً عن التوظيف الوظيفي الدقيق والمناسب لشغل الوظيفة المعنية، وإنما يكون التعيين على أساس الولاء بمختلف أنواعه والمحسوبية والرشوة.
4 ـ ضعف الدور الإعلامي وضعف الأداء الاجتماعي في التوجيه نحو حجم ظاهرة الفساد ونحو الآثار الناجمة عنه والتي تسيء إلى الوطن وللمواطن.
5 ـ ضعف أداء الجهاز القضائي من حيث الروتين الصعب الذي يؤثر على فاعليته أو من حيث عدم وجود الكوادر القادرة والمهيأة للتصدي للفساد عبر القضايا التي ترفع لهذا الجهاز. .
6 ـ عدم وجود سياسات علنية وقوانين شفافة لمكافحة الفساد والمفسدين، وانخفاض عدد الأفراد الذين يعاقبون بتهمة الفساد .
الآثار الناجمة عن ظاهرة الفساد
• يؤدي الفساد إلى آثار سلبية على مختلف مجالات الحياة وعلى مختلف نواحي التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، فهو يؤدي إلى تقديم الخدمات العامة السيئة بسبب عدم وجود الكوادر والكفاءات التي تستطيع القيام بالمهمات بالشكل المطلوب، وكذلك بسبب عرقلة الخدمة المطلوبة من أجل الحصول على الرشوة، وهذا الجو يؤدي إلى الهدر والتسيب والنهب، وينتج عنه امتناع المواطنين في حال وجود الإمكانات المالية عن طلب الخدمة من القطاع العام واللجوء إلى القطاع الخاص..
• وكذلك يؤدي الفساد إلى سوء عمل المؤسسات بشكل عام ومنها المؤسسات التعليمية والصحية والمؤسسات المتعلقة بالتدريب والتأهيل مما يؤدي إلى سوء تنشئة فكرية وإبداعية وصحية للموارد البشرية التي يعتمد عليها في تنمية المجتمع وتطويره.
• ينعكس الفساد الإداري سلباً على أصحاب الكفاءات والخبرات والطموحين المتميزين بشكل عام، فتكون النتيجة الإحباط واللامبالاة أو التفتيش عن بدائل لتحقيق أهدافهم في مجتمعات أخرى يرون فيها أنها تتميز بهياكل إدارية وبكوادر أفضل وأكثر التزاماً وأوفر مساءلة، وبالتالي يكون الخيار هو الهجرة خارج أرض الوطن مما ينعكس سلباً على مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
• يؤدي الفساد إلى فقدان ثقة المواطنين والمتعاملين داخلياً والجهات الأجنبية، ما يؤدي إلى إنفراد مجموعة معينة بالعقود وبالصفقات الداخلية والخارجية، وبالتالي هروب الاستثمارات المحلية وعدم جذب الاستثمارات الأجنبية، ما يفاقم مشكلة البطالة الموجودة أصلاً وينعكس على معدل النمو وميزان المدفوعات ويؤدي إلى أحد أهم أمراض الاقتصاد، وهو الاحتكار وانعدام المنافسة.
• الفساد يؤدي إلى بروز طبقة اجتماعية جديدة من أصحاب رؤوس الأموال خلال سنوات قليلة على حساب الشرائح الوسطى التي تبدأ بالتلاشي وينحسر دورها الموازن والمطور، وتزداد الفجوة بين الفقراء الذين يشكلون الأغلبية العظمى والأغنياء الذين يعدون على الأصابع..
• ازدياد الفقر والبطالة والأمراض الاجتماعية نتيجة ازدياد تكلفة المنتجات المحلية والخدمات والعقود والصفقات التجارية والصناعية، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة ثم إلى الفقر في حال لم تتناسب الأجور مع متطلبات المعيشة.
• يقلل الفساد من إيرادات الدولة ويزيد من النفقات، الأمر الذي يضطر الدولة إلى الاقتراض الداخلي أو الخارجي وما يسببه هذا الاقتراض من تبعية سلبية، فبحسب رأي مسؤولين قدر حجم التهرب الضريبي بـ200 مليار ليرة سورية وقيل أن الأموال الناجمة عن الفساد والهدر تقدر ب40 % من الناتج المحلي.
• الظلم الاجتماعي من حيث أن التهرب الضريبي أو سرقة الكهرباء والمياه يزيد من تكاليف هذه الخدمات على المواطن وبالتالي يحس بالقهر والظلم والغبن.
• قد يكون بعض الفاسدين سنداً لقوى ودول معادية للقيام بأعمال من أجل زعزعة الأمن والاستقرار.
• يقوض جميع الخدمات التي تقدمها الحكومة، ويلتف على جميع القوانين.
• عضو جمعية العلوم الاقتصادية
معلومات إضافية
- العدد رقم:
- 385