نزارعادلة نزارعادلة

إنجازات الخطة الخمسية العاشرة... الوقائع تتحدث !!!

في عام 2005، تحدث عبد الله الدردري، نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، في إحدى ندوات الثلاثاء الاقتصادي حول الخطة الخمسية العاشرة، وكانت في عامها الأول، قائلاً:
سيتم إنجاز أربعة أمور أساسية حتى العام 2010:

1-اقتصاد سوق فعال.
2- شبكة أمان اجتماعي، وتساوي الفرص أمام جميع الفئات.
3 -بداية إصلاح النظام التعليمي والصحي، وقد ضوعفت لذلك الغرض الاعتمادات والتأمينات الاجتماعية.
4 -رؤية واقعية للنهوض بالبنية التحتية (موانئ، طرق) لتتناسب مع موقع سورية الجغرافي، وبذلك نكون قد وضعنا سورية على طريق اقتصاد السوق الاجتماعي، وستزداد سرعة المسيرة في الأعوام 2010-2015
 
بقي عام ونصف على انتهاء الخطة الخمسية العاشرة، وقد شرح النائب الاقتصادي مؤخراً أمام مجلس الشعب الإنجازات التي تحققت من خلال الخطة في مجال الصناعة والزراعة والخدمات، وقد ارجع الدردري الإخفاقات في مجالات التعليم بمستوياته، والصحة، والنقل، والسياحة، إلى الأقدار!!
أما في المجال الزراعي فإن الظروف المناخية الصعبة أثرت بشكل سلبي على الإنتاج الزراعي. وفي مجال توفير فرص العمل لم تحقق الخطة نجاحاً، بالرغم من انخفاض معدلات البطالة، وتحول أكثر من 200ألف شخص كانوا يعملون بأجر إلى أصحاب مشاريع.
أما في مجال الخدمات شهدنا نجاحاً (والكلام دائماً للدردري).
الآن، وبعد أن قاربت الخطة على نهايتها بدا الدردري متردداً، بينما كان في العام 2005 متحمساً، ولكنه أجل تنفيذ الوعود إلى العام 2015.
لكن الوقائع تقول: إن شبكة الأمان الاجتماعي لم تتحقق، بل ارتفعت نسبة الفقر في سورية، وأصبحت من النسب العالية قياساً بالدول العربية، فأكثر من ثلثي السكان تقريباً هم من الفقراء، كما ارتفعت معدلات البطالة، بسبب نمط النمو الذي لا يساهم في خلق فرص عمل كافية للفقراء، لا من حيث الكم ولا من حيث الإنتاجية، وارتفاع نسبة الأمية عند البالغين، وانخفاض معدلات الالتحاق بالتعليم الأساسي للمرحلة الأولى، ونقص في التغذية وانخفاض مستوى النظافة.
ولم يشر النائب إلى الارتباط القوي بين التنمية البشرية والنمو الاقتصادي، وهو -على ما اعتقد- يعلم بأنه عندما يتغير النشاط الاقتصادي ويتراجع النمو الاقتصادي، تبرز ضرورة عملية الإصلاح الاقتصادي مع السياسات الاجتماعية.
وقد تم في سنوات الخطة الخمسية إنهاء أكثر شركات القطاع العام، ومحاصرة القطاع الخاص الوطني المنتج، من خلال الانفتاح الاقتصادي واقتصاد السوق، كما تم ضرب القطاع الزراعي، من خلال السياسة الحكومية المتبعة، ورفع أسعار المحروقات، وتحرير أسعار السماد، وإغلاق الآبار المخالفة (مع العلم أن 90% من الآبار في سورية مخالفة).
وبعد تحرير التبادل التجاري، وما خلقه من صعوبات كبيرة، وانعكاسات اجتماعية، برز بشكل واضح سوء توزيع الثروة والدخل، وعدم قدرة الدولة على إنصاف ذوي الدخل المحدود، بسبب تراجع مؤشر الإنفاق العام، الذي يصل في الدول المتقدمة إلى 50%، في حين لم يتجاوز  في سورية 8% من الناتج المحلي الإجمالي، بالإضافة لذلك، يؤكد تقرير الفقر في سورية، أن هناك ما يزيد عن ثلاثة ملايين سوري لم يتمكنوا من الحصول على حاجاتهم الأساسية من المواد الغذائية، وأكثر هؤلاء في المناطق الزراعية.
وفي السياق ذاته، عقدت مئات المؤتمرات الفلاحية منذ بداية هذا العام، وطرحت فيها معوقات العمل الزراعي، وأبرزها مشكلة رفع الدعم عن المشتقات النفطية، وما ترتب عنها من انعكاسات سلبية على السلة الزراعية والفلاح في آن واحد، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، وعدم التكافؤ بينها وبين أسعار المحاصيل الزراعية. ويبرز في هذا المجال دور السماسرة والتجار بين المنتج والمستهلك، والذي يستنزف هامش ربح الفلاح.
والأخطر من هذا كله برأينا، الآبار غير المرخصة وغير القابلة للتسوية، والمقدر عددها بأكثر من 118 ألف بئر حسب الهيئة العامة للموارد المائية.
يضاف إلى هذا، ما قامت به مؤسسة الكهرباء القامشلي التي قطعت التيار الكهربائي عن نحو 500 بئر ارتوازية, هذا القطع الذي جاء نتيجة عدم مقدرة الفلاحين على دفع ما يترتب عليهم من ديون للمؤسسة، فأصبحوا بين مطرقة الجفاف وسندان تسديد الديون. في الوقت الذي يتراجع فيه الاستثمار في القطاع الزراعي، حيث بلغ عدد المشاريع الزراعية المشمولة بقانون الاستثمار خلال الفترة الواقعة بين عامي 1991 – 2007 حوالي 176 مشروعاً، توزعت بين تربية المواشي، و الخدمات، و عدد قليل من مشاريع الإنتاج الزراعي والري، في حين أصبح القطاع السياحي هو الأول في الاستثمار, كما أن القصور شاب مشروعات الري و استصلاح الأراضي في الخطط التنموية.
لقد غلبت النزعة الفردية في الخطة الخمسية، حيث أن الدردري لم يشر إلى ما يجري في المنطقة الشرقية تحديداً من نزوح إلى المدن، وإغراق الآلاف بل مئات الآلاف من سكانها في دوامة الجوع و التشرد.
إن مؤشرات وأرقام الخطة الخمسية العاشرة، جاءت بوحي وتوصية البنك الدولي، وهي سياسة يتبعها الفريق الحكومي بشكل واضح وعلني وتهدف إلى:
تحويل الملكية العامة و نقلها إلى القطاع الخاص، سواء بالبيع أو التأجير أو الاستثمار, وإبعاد الدولة عن آليات العرض و الطلب، وتحرير الأسعار.
من وجهة نظر البنك الدولي فان الدول الأكثر انفتاحاً على الاقتصاد العالمي هي الأقدر على مواجهة المشكلات و الصدمات الخارجية، والمثير أن الخطة الخمسية منذ أن بدأت، والتصريحات تتوالى عما تحققه من مكاسب اقتصادية واجتماعية، و الآن نحن ننعم بهذه المكاسب الهامة!! 

معلومات إضافية

العدد رقم:
406